أفضل من هده الصلوات الخمس " (١) وغيرهما (٢) من الآيات والروايات (٣) الدالة على وجوب المعرفة بالعموم، لأن المراد من " ليعبدون " هو خصوص العبادة ومعرفته، والنبوي في مقام بيان فضيلة الصلوات الخمس، فلا إطلاق فيه من حيث ما يجب معرفته، وآية النفر (٤) في مقام بيان الطريق المتوسل به إلى التفقه الواجب، ولا إطلاق فيها من حيث ما يجب التفقه فيه. وكذا ما دل على وجوب طلب العلم إنما هو بصدد الحث على طلبه ولا إطلاق فيه لما (٥) يجب العلم به.
إذا عرفت هذا فاعلم أن ما يجب معرفته على قسمين: أحدهما ما يجب معرفته عقلا كمعرفة الله ومعرفة النبي ومعرفة الإمام - بناء على الوجه الحق - كما هو الحق عند أهله من أنه من شؤون النبي لا بناء على الوجه الغير الصحيح كما هو المعول عند غير أهله، فإن معرفته على هذا الوجه يكون شرعيا لا عقليا.
فما يجب معرفته عقلا أمور ثلاثة بناء على مذهب الحق، واثنان على مذهب غير الحق، وبقية الأصول الخمسة من العدل والمعاد. وتفصيل أحوال المعاد من الحشر والنشر وأحوال عالم البرزخ لابد من أن يكون وجوب معرفتها بالسمع، فما يجب معرفته سواء كان بالعقل أو بالسمع المطلوب فيه أمران: أحدهما تحصيل المعرفة، والثاني عقد القلب عليها. ولا إشكال في إمكان الانفكاك بينهما في الطريق، إذ يمكن أن يحصل المعرفة بشيء ولا يعقد القلب عليه كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم﴾ (6) كما يمكن أن يعقد قلبه على شيء مع عدم معرفته، بل مع المعرفة بخلافه.
أما بالنسبة إلى أصل المعرفة فلا دليل من العقل ولا من النقل على التنزل من