الخصوصيات المذكورة من الجنس والاستغراق والعهد بأقسامه.
فتحصل: أن مدخول اللام وهو اسم الجنس الموضوع للطبيعة من حيث هي القابلة لأن يلحقه تنوين التمكن ويراد منه الجنس كما في أسد علي وفي الحروب نعامة، ولأن يلحقه تنوين التنكير ويراد منه الفرد المنكر إما مطلقا كما في جئني برجل، أو عند المخاطب كما في جاءني رجل، ولأن يلحقه اللام ويراد منه الجنس المتعين في الذهن، أو الجنس الساري في تمام الأفراد، أو الفرد المعهود بأقسامه هو الدال على كل واحدة من هذه الخصوصيات بواسطة القرائن الحالية والمقالية المختلفة باختلاف المقامات واللام إنما هي لصرف التزيين وليس تحت اللام معنى، وعلى تقدير التنزل وتسليم وجود معنى تحتها فذلك المعنى ليس إلا خصوصية في المدخول كما في سائر الحروف التي قد عرفت أنها كالأعاريب في كونها من قبيل العلامات، فتأمل.
وأما دلالة الجمع المعرف باللام على العموم حيث لم يكن عهد ولا توصيف في البين فالظاهر أنه لا خلاف ولا إشكال فيه، وأن لفظ " الرجال " ليس كلفظ " رجال " المجرد عن اللام في الدلالة على أقل مراتب الجمع، وهو ما فوق الواحد والاثنين على الخلاف فيه، بل يدل على استيعاب تمام الأفراد.
وإنما الخلاف والإشكال في منشأ هذه الدلالة فقد نقل عن الشيخ محمد تقي (1) (قدس سره) أن اللام للإشارة إلى الطبيعة المعينة، فإن كان لها تعين بالعهد أو التوصيف فاللام تبعه، ولا يفيد شيئا غير الإشارة إلى ذلك المعين، وإن لم يكن لها تعين بهما فلابد من الحمل على العموم، لأن اللام للتعيين. والتعيين الذي لا يشوبه، إبهام وترديد بوجه من الوجوه هو كون الطبيعة في ضمن تمام الأفراد حيث لا يشذ منها شيء. وأقل مراتب الجمع وإن كان له تعين من حيث المرتبة إلا أنه فيه إبهام وترديد من حيث كونه قابلا للانطباق والصدق على كثيرين، فإن الثلاثة - مثلا - وإن كان لها تعين مثل تمام الأفراد من حيث إن الثلاثة أقل مراتب الجمع ولا