يختلف بين ما إذا كان الشك في التداخل في ناحية الأسباب، وأما إذا كان الشك في ناحية المسببات وأن الأصل العملي في الأول مقتضاه التداخل وفي الثاني عدم التداخل وأما الأصل اللفظي فلا إشكال في أن الجملة الشرطية ظاهرة في أن كل وجود من وجودات الشرط أو مصداق من مصاديقه يستتبع ايجادا واحدا من الجزاء، لأن القضية إما حقيقية أو خارجية والحكم في كل منهما على الطبيعة بلحاظ الوجود، واحتمال كون الحكم معلقا على الطبيعة المتحققة بأول وجودها فيفصل بين ما إذا تعدد الشروط من أجناس مختلفة فيتعدد الجزاء، لأن كل طبيعة تحققت بأول وجودها تقتضي ايجادا واحدا من الجزاء وبين ما إذا تعدد مصداق الشرط من جنس واحد فلا يتعدد كما اختاره الحلي (1)، لأن الطبيعة بأول وجودها قد أثرت في وجوب الجزاء، فوجودها الثاني لا أثر له خلاف الظاهر كما عرفت.
ومع ظهور الجملة الشرطية في أن كل شرط أو مصداق شرط مستتبع لإيجاد واحد من الجزاء لا يبقى مجال لظهور الجزاء في الاتحاد لو كان له ظهور فيه، لأن ظهور الجملة الشرطية حاكم على ظهوره.
فحينئذ الحكم بالتداخل وكفاية ايجاد واحد موقوف على أمرين.
أحدهما: أن يكون الجزاء في كل قضية شرطية عنوانا مغايرا لعنوان الآخر لا ايجادا مغايرا لايجاد الآخر، إذ لو كان ايجادا فلا إشكال في أنه إذا كان المطلوب ايجادين كما هو ظاهر القضية الشرطية فلا يكتفى بايجاد واحد فهل يعقل أن يكون المأمور به إتيان شيئين ويكتفى بإتيان أحدهما في مقام الامتثال.
الثاني: أن يكون العنوانان مما يمكن اجتماعهما كعنوان العالم والهاشمي لا مما لا يمكن اجتماعهما كعنوان العالم والجاهل، فلو تحقق هذان الأمران كما في الأغسال حيث إنها عناوين متغايرة وإن كانت مشتركة في اسم الغسل، فإن غسل الجنابة عنوان غير عنوان غسل الحيض مثلا، كما أن صلاة الظهر عنوان غير عنوان صلاة العصر وإن اشتركتا في اسم الصلاة وعدد الركعات، واجتماعها أيضا ممكن،