للخضوع الجانحي، ولكن لما كانت الجهة النفسية في كل مرتبة سابقة على الجهة الغيرية فيها فتكون موجبة بالوجوب النفسي قبل تأثير جهة الغيرية في إيجابها الغيري.
ففيه: أولا: أن المقصود في المقام رفع الإشكال الوارد على تعريف الواجب الغيري بأنه ما أمر به لأجل التوصل إلى الغير وهو لزوم كون كل الواجبات سوى معرفة الله واجبا غيريا، وهذا الإشكال لا يندفع بما ذكر، إذ غايته أن الواجبات النفسية مشتملة على الرجحان الذاتي وأنها من قبيل معرفة الله، فهو على تقدير تسليمه في الصلاة ونحوها في غيرهما غير معلوم، إذ لا نسلم أن تمام الواجبات النفسية حالها كحال الصلاة ونحوها في كونها إظهارا لعظمة الله وخضوعا له.
وعلى تقدير تسليم أن الواجبات النفسية كلها كذلك فالإشكال باق بحاله كما لا يخفى.
وثانيا: أن الفرق بين الوضوء والغسل ونحوهما من الواجبات الغيرية وبين الصلاة ونحوها من الواجبات النفسية غير معلوم.
وثالثا: الامتياز بين الواجب النفسي والغيري وأن أي واجب نفسي؟ وأي واجب غيري؟ أيضا غير معلوم، والحال أن المقصود بيان ضابط وتعريف يمتاز به الواجب الغيري عن النفسي.
فكيف كان لا إشكال فيما إذا علم بأن الواجب نفسي أو غيري، وإنما الإشكال في صورة الشك في كونه نفسيا أو غيريا، والتحقيق الذي ذكره في الكفاية هو أن الهيئة وإن كانت موضوعة لمطلق الطلب الأعم من النفسي والغيري إلا أن إطلاقها يقتضي كونه نفسيا، وإلا لو كان شرطا لغيره لوجب على المتكلم الحكيم التنبيه عليه (1).
والحاصل: أنه لو سلمنا أن هيئة الصيغة موضوعة لمطلق الطلب إلا أنها منصرفة إلى الطلب النفسي كما أنها منصرفة إلى الطلب العيني التعييني لاشتراكه