معهما في احتياج تقييد الهيئة، فإنه لو كان واجبا غيريا لوجب أن يذكر القيد بأن يقول المتكلم - مثلا - إذا أردت الصلاة فتوضأ، وبمجرد عدم ذكر القيد يعلم أنه مطلوب مطلقا سواء وجب الغير أم لا. كما أنه لو كان الواجب كفائيا كان على المتكلم ذكر القيد بأن يقول: هذا الفعل يجب عليك إن لم يفعل آخر، وكذا لو كان الواجب تخييريا لوجب عليه أن يقول: إفعل هذا أو غيره، فمن عدم ذكر أحد القيود يستكشف الوجوب النفسي العيني التعييني، هذا بحسب عالم الاثبات، وإن كانت بحسب عالم الثبوت بين الوجوب النفسي والغيري وكذا بين الوجوب العيني والكفائي والتعييني والتخييري مباينة كلية وليست بينهما نسبة الإطلاق والتقييد ثبوتا. هذا فيما إذا تمت مقدمات الحكمة المقتضية للحمل على الإطلاق، وأما إذا قلنا بعدم تماميتها فيصير اللفظ مجملا، فلابد من التوقف إلا أن يدعى الانصراف، فتأمل.
وعن صاحب تقريرات بحث الشيخ الأنصاري (قدس سره) أن وضع الهيئة حرفي، فهي موضوعة لجزئيات الطلب (1) والجزئي ليس قابلا للإطلاق، إذ الإطلاق والتقييد متضايفان ومتقابلان، فما ليس قابلا للتقييد ليس قابلا للإطلاق.
ولكن أورد عليه، بأن وضع الهيئة ولو قلنا بكونه حرفيا - كما هو الحق - ولكن الحروف ليست موضوعه للمعاني الجزئية، بل وضع الحروف كالأسماء وأنها موضوعة للمعاني الكلية، بل المستعمل فيه فيها أيضا معان كلية والتشخص إنما جاء من ناحية الاستعمال، فالوضع والموضوع له والمستعمل فيه فيها كلي كالأسماء، وإنما الاختلاف في كيفية الاستعمال فإن الأسماء وضعت لتستعمل ويراد منها المعنى في نفسها، والحروف إنما وضعت ليراد منها المعنى في غيرها، كما مر بأن الحروف إنما وضعت ويراد بها المعنى في غيرها، يعني أن معانيها من خصوصيات الغير مثل: الماء في الكوز، فإن الماء والكوز معناهما في تحت