الأصل، ولا فرق بين التقييد والعمل الذي يكون أثره أثر التقييد وهو إبطال العمل بالإطلاق، فلو كان التقييد راجعا إلى الهيئة ففي الحقيقة يلزم إبطال الإطلاق في الهيئة والمادة كما عرفت، بخلاف ما لو كان راجعا إلى المادة فإنه لا يلزم منه إبطال إطلاق الهيئة، ولا ريب أن الثاني أولى، لأن أثر ارتكاب خلاف الأصل فيه أقل.
وهذان الوجهان نقلا عن بعض مقرري بحث الشيخ الأنصاري (قدس سره) (1)، وأورد عليهما في الكفاية:
أما على الأول: فلأن إطلاق الهيئة وإن كان شموليا بخلاف المادة فإن اطلاقها بدلي إلا أنه لا يوجب ترجيح إطلاقها على إطلاق الهيئة، لأنه أيضا بمقدمات الحكمة، فإذا كان إطلاق كلتيهما بمقدمات الحكمة فلا ترجيح لأحدهما على الآخر فإنها قد تقتضي الإطلاق الشمولي، وقد تقتضي الإطلاق البدلي، وقد تقتضي التعيين أحيانا. وترجيح عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو من جهة أن عموم العام بالوضع وإطلاق المطلق بمقدمات الحكمة، فلو فرض أن عاما بالوضع دل على العموم البدلي ومطلق بالإطلاق ومقدمات الحكمة دل على العموم الشمولي لكان العام مقدما يقدم بلا كلام (2).
ولكن فيه: أن تقديم عموم العام على إطلاق المطلق إنما يسلم فيما إذا كانا متصلين، وأما إذا كانا منفصلين بأن كان كل منهما في كلام فالمدار في التقديم على الأظهرية، فربما كان ظهور العام في العموم أظهر، وربما كان الأمر بالعكس، فتدبر.
وأما على الثاني: فلأن التقييد وإن كان خلاف الأصل إلا أن العمل الذي يوجب انتفاء بعض مقدمات الحكمة لا يكون خلاف الأصل، إذ مع انتفاء مقدمات الحكمة وعدم جريانها لا يكون هناك إطلاق حتى يكون بطلان العمل به كالتقييد خلاف الأصل. وبالجملة لا معنى لكون التقييد خلاف الأصل إلا كونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدمات الحكمة، ومع انتفائها لا ينعقد له ظهور حتى