ومنها: تقسيمها إلى المتقدم والمقارن والمتأخر. ولا إشكال في جريان النزاع في تمام هذه الأقسام بعد تصوير مقدميتها للوجود، وإنما الإشكال في تصوير المقدمية فإنه كيف يمكن أن يؤثر الأمر المتأخر في المتقدم؟ والحال أنه في زمانه معدوم والمعدوم لا يؤثر وبعد وجوده صار المتقدم معدوما.
والحاصل: أن الشرط من أجزاء العلة ولابد في وجود المعلول من تحقق العلة بتمام أجزائها وشرائطها ليحقق المعلول، وعلى هذا لا اختصاص للاشكال بالشرط المتأخر، بل يجزي في المتقدم أيضا كما ذكره في الكفاية.
وقد أفاد (قدس سره) في دفع الإشكال بقوله: والتحقيق أن الموارد التي يتوهم انخرام القاعدة فيها لا يخلو إما أن يكون المتقدم أو المتأخر شرطا للتكليف أو الوضع أو المأمور به، أما الأول فكون أحدهما شرطا له ليس إلا للحاظه دخلا في تكليف الأمر كالشرط المقارن بعينه، فكما أن اشتراطه بما يقارنه ليس إلا لتصوره دخلا في أمره بحيث لولاه لما كاد يحصل له الداعي إلى الأمر كذلك المتقدم أو المتأخر إلى آخر كلامه (قدس سره) (1).
وحاصله: أن المتقدم والمتأخر بوجودهما اللحاظي معتبران في التكليف وكذلك الوضع، وفي عالم اللحاظ ليس تقدم وتأخر، وإنما التقدم والتأخر في الوجود العيني الخارجي لا في الوجود اللحاظي، فإنه إذا كان لتصور المتقدم أو المتأخر دخل في التكليف أو الوضع فما هو الدخيل فيهما هو تصورهما وهو مقارن كالمقارن حيث إنه بتصوره أيضا دخيل فيهما.
ولكن فيه: أن الإشكال لو كان في التكليف من حيث إنه فعل اختياري للمكلف - بالكسر - لصح ما ذكره (قدس سره) في دفع الإشكال، لأن ما يصير داعيا له على التكليف هو تصور المتقدم أو المتأخر، وتصورهما ليس إلا كتصور المقارن. والحال أن الإشكال ليس فيه من هذه الحيثية، بل من حيث تنجز هذا التكليف على المكلف - بالفتح - فإن ما هو الشرط فيه هو المتقدم أو المتأخر بوجودهما العيني