يصح أن يأتي بجزء الواجب بداعي وجوبه إلا في ضمن اتيان الواجب بهذا الداعي، فيلزم الاتيان بالواجب المركب من داعي الامتثال وغيره، وهي ذات الصلاة بداعي الامتثال، وهو كما ترى.
مع أن تعلق التكليف بالمركب من داعي الامتثال وغيره غير معقول، لاستلزامه التكليف بغير المقدور وهو داعي الامتثال وإرادته، لأن الفعل بالإرادة وإن كان اختياريا إلا أن إرادته ليست باختيارية، وإلا تسلسلت الإرادات مضافا إلى أنه يمكن أن يقال: إن الأمر المتعلق بالفعل بداعي الامتثال إن كان داعيا إلى ذات الفعل فتقييده بهذا القيد واعتبار داعي الأمر في المتعلق وجعله جزءا للمأمور به لغو، إذ يحصل الغرض وهو اتيان الفعل بداعي أمره من دون حاجة إلى اعتباره في المتعلق وإن لم يكن داعيا بنفسه، فلا يمكن أن يصير داعيا ولو اعتبر فيه، لأنه حينئذ يصير من باب الداعي على الداعي وهو غير معقول، لأن الشيء الذي لا يكون داعيا بنفسه على شيء لا يمكن أن يحصل له صفة الداعوية بواسطة أمر خارج، بل يكون الداعي على ذلك الشيء هو الأمر الخارجي في الحقيقة لا أنه صار داعيا على الداعي، إذ داعوية الشيء نظير حب الشيء، فكما أنه لا يمكن أن يحصل حب شيء أو شخص بأمر خارج كالأمر بحبه من دون كونه محبوبا ذاتا، لجهة من الجهات الراجعة إليه كعلمه وحسبه ونسبه وأمثالها، كذلك صفة الداعوية.
نعم يمكن أن يصير الأمر بحبه منشأ لتنبهه على بعض الخصوصيات والجهات الموجودة فيه، وحينئذ فيحبه ذاتا لا من جهة أمره بحبه كما أن الأمر باتيان شيء بداعي أمره قد يصير منشأ لتنبهه على الفوائد والخواص المترتبة على ذلك الشيء فيما إذا أتى به بداعي أمره، فيصير أمره حينئذ داعيا على اتيانه لا أن أمره باتيانه بداعي أمره صار داعيا على أن يأتي بالفعل بداعي أمره.
والحاصل: أنه كما لا يمكن أن يصير شيء أو شخص محبوبا لشخص بمجرد أمر غيره به من دون أن تكون جهات الحب موجودة فيه إلا بأن يكون أمره بحبه موجبا لتنبهه على خصوصياته الموجبة لحبه ذاتا، وحينئذ يكون حبه ذاتيا لا من