مسألة الواجب المشروط وإما اطلاق المادة فلأن قصد الأمر ان كان قابلا لأن يؤخذ في المتعلق فمن اطلاقه يستكشف عدم دخله فيه واما إذا لم يكن قابلا لأخذه فيه فلا يمكن التمسك باطلاقه لعدم دخله فيه والمفروض انه ليس بقابل لأخذه فيه واما التمسك باطلاق المقامي الذي لا ربط له باطلاق اللفظي فلا مانع منه والحاصل ان المتكلم إذا كان في مقام بيان تمام ماله دخل في غرضه ولم يبين دخله في غرضه مع امكان بيانه باي نحو كان كما في المقام فيفهم انه ليس دخيلا في غرضه ومن هنا قلنا ان للقائل ربما يكون له مقام وذلك فيما إذا كان المتكلم في بيان تمام من يجب إكرامه ومع ذلك اقتصر على زيد وقال أكرم زيدا فانه يفهم ان الإكرام منحصر بزيد، هذا بالنسبة إلى الأصول اللفظية.
وأما الأصول العملية فيمكن أن يقال: إن المرجع في المقام هو الاشتغال وإن قلنا بالرجوع إلى البراءة في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، لأن التكليف هنا معلوم وحدود المكلف به أيضا كذلك، وإنما الشك في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم فيما لو أتى المأمور به بدون قصد أمره، فيحكم العقل بلزوم إتيانه بداعي الأمر، لأن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية ولا يعذره العقل لو أتى به بدون قصد الأمر واتفق مخالفته مع الواقع، بل يحكم باستحقاقه العقاب، إذ العقاب عليه ليس عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان بعد استقلال العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف المعلوم، وهكذا الحال في كل ما شك دخله في الطاعة والخروج عن عهدة التكليف كقصد الوجه والتميز.
نعم لما كان الرجوع إلى الأصول مطلقا سواء كانت البراءة أو الاشتغال أو غيرهما إنما هو في مورد الالتفات والشك، ولذا قيدوا المكلف في أول البحث عن الأدلة العقلية بالملتفت، وقالوا: إن المكلف إذا التفت إلى حكم شرعي إما أن يحصل له القطع أو الظن أو الشك... إلى آخره فيمكن أن يفصل في المقام بين كون الأمر المشكوك دخله في الطاعة مما يكون مغفولا عنه عند العامة فلا يعتبر دخله فيها، وإلا لكان على المولى بيانه، والا لزم إخلاله بغرضه فيقطع من عدم بيانه عدم دخله