لياقتهم للإمامة يتم سواء أخذ الوصف في الآية الشريفة على النحو الثاني أو الثالث. وأما استدلال الأعمي باستدلال الإمام (عليه السلام) فلا يتم إلا بأن يكون الوصف مأخوذا على الوجه الثالث، وهو غير معلوم، لاحتمال أخذه على النحو الثاني لو لم نقل بظهوره فيه، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، مع أنه يمكن دعوى ظهوره في الوجه الثاني بمقتضى الاعتبار العقلي والذوق السليم، حيث إن الآية الشريفة في مقام بيان جلالة منصب الإمامة وعظم شأنها ورفعة محلها، وأن لها خصوصية من بين المناصب الإلهية والمناسب لها أن لا يكون المتقمص لها ظالما أصلا ولو في آن من الزمان الماضي فكيف يليق من كان مشركا في برهة من الزمان أن يكون داعيا إلى توحيد الله وحافظا لشرعه؟ وكيف يثق به الناس ويميلون إليه مع ما هو المعروف عندهم من حاله؟
فلا بد من أن يكون الإمام (عليه السلام) ممن لم يصدر عنه الظلم والمعصية في شيء من الأزمنة، فلو صدر عنه الظلم في آن ليس قابلا لمنصب الإمامة، فكما أن في العرف وعند السلاطين بعض الأوصاف موجب لعدم إعطاء المنصب وسلبه عمن كان متصفا به حال اتصافه، فلو زال عنه هذا الوصف لربما يعطون له المنصب وبعض الأوصاف والجنايات موجب لعدم إعطاء المنصب بمن كان متصفا به ولو زال عنه الوصف فكذلك في الشرعيات يتحقق هذان القسمان، فمثل عدم جواز الصلاة خلف الفاسق وعدم قبول شهادته والطلاق عنده من القسم الأول، وأما مثل الإمامة والخلافة من القسم الثاني، فيكون معنى الآية - والله العالم - أن من صدر وتحقق منه الظلم ولو في آن لا يليق لهذا المنصب العظيم فتكون من القضايا الحقيقية التي يتحقق حكمها بتحقق موضوعها ولو في آن ما كالمستطيع يحج لا مما كان الحكم دائرا مداره وجودا وعدما كصل خلف العادل، ولا تصل خلف الفاسق، وأعط الفقير الزكاة وأمثالها، ومن المعلوم أنهم كانوا ظالمين ولو حال عبادتهم الصنم، فليسوا قابلين لهذا المنصب.
فعلى هذا يتم استدلال الإمام (عليه السلام) ولا يتم استدلال المستدل به.