مجردا عن مفهوم الذات، وذلك لا يوجب وضعه لغة وعرفا (1)، فلعل الذات كانت معتبرة في مفهومه لغة وهم جردوه عنها وجعلوه فصلا.
والأولى أن يقال: إن مفهوم المشتق كان بسيطا عند قدماء المنطقيين، فلذا جعلوا الناطق وأمثاله فصلا والمتأخرون تابعوهم في هذا الاصطلاح وإن كان مفهومه مركبا عنه، إذ يرد على التقريب الذي ذكره في الفصول ما أورده عليه في الكفاية وهو: أن من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه اللغوي والعرفي، بل بما له من المعنى (2) اعتبر فصلا، أو يقال كما ذكره (قدس سره) في الكفاية (3) وحاصله: أن الناطق ليس فصلا حقيقيا للإنسان وإنما هو فصل مشهوري منطقي لازم لما هو الفصل الحقيقي وأظهر خواصه يوضع مكانه حيث لم يعلم حقيقته، ولذا ربما يجعل لازمان مكانه إذا كانا متساويي النسبة إليه كالحساس والمتحرك بالإرادة في تعريف الحيوان.
والحال أن الفصل الحقيقي في مرتبة واحدة لا يمكن أن يكون متعددا كما حقق في محله، بل لا يمكن معرفة ما هو الفصل الحقيقي كما حقق فيه أيضا، لأن فصله الحقيقي هو ما يكون به قوام ذاته وتكون الجهة المميزة له، كما أن جنسه هو ما يكون الجهة المشتركة له، وهما غير معلومين (4)، وإنما الحيوان والناطق لازمان لهما جعلا مكانهما، فصار المجموع خاصة مركبة عرف الانسان بها، فلا الحيوان جنس له ولا الناطق فصل له، فلو أخذ فيه الشيء العام لم يلزم أخذ العرض في الفصل الذي هو ذاتي وإنما يلزم أخذه في الخاصة التي هي من العرض ولا استحالة فيه. وهذا الذي ذكره (قدس سره) هو ما يقتضيه التحقيق في المقام.
ثم قال: إنه يمكن لنا أن نختار الشق الثاني ونجيب بأن المحمول ليس مصداق