أن ثبوت حقية هذا الدين، وتواتر نسبته إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم لا يستلزم ثبوت كل حكم من أحكام المسلمين، وتواتر كل خبر من الاخبار، ألا ما أجمعوا عليه وكان من الضروريات، أو تواتر على الخصوص. ومنه يعلم ما في قوله (رضي الله عنه): (فانظر إلى تصريحه بل جزمه بصحة تلك الروايات).. إلى آخره.
(بيان مراد الشهيد الثاني) قوله: (ومن ذلك ما صرح به شيخنا الشهيد الثاني.. إلى آخره) أيضا وهم في مراده، لان دعوى حصر ما جمعت منه هذه الجوامع الأربع في الأصول مما لم يدعه أحد، وكيف، وأنى؟، وتناول الشيخ (ره) والصدوق والكليني (ره) من الكتب - ككتب الحسين بن سعيد وعلي بن مهزيار وغيرهما كما ستعرف - مما لا يسع أحد انكاره، وإنما يريد الشهيد الثاني (ره) بالأخذ منها، الاخذ في الجملة، لأنه لم يؤخذ إلا منها، مع أن الكلام الذي يجري في الكتب جار في الأصول أيضا، إذ أقصى ما في الاعتماد في الجملة كحقية هذا المذهب وهذا الدين، لا كل خبر خبر فيها. ومن راجع فهرست الشيخ وغيره من كتب الرجال عرف الأحقية ولم تخف عليه الطريقة.
(بيان مراد الشيخ حسن صاحب المعالم) وقوله: (ومن ذلك ما صرح به المحقق الشيخ حسن) أعجب وأغرب لأنه إنما يريد التواتر إلى أربابها ومصنفيها، فلا حاجة إلى الإجازة فيما بيننا وبينهم، ولما استشعر أن أقصى ما يسلم تواتر الكتاب على الجملة، إما التفصيل كهذا الخبر وذاك فلا، وحينئذ فلا بد من الرواية والإجازة ليصل به في تلك الخصوصيات إلى أربابها (1) أجاب:
بأن ذلك يعلم من قرائن الأحوال، كعنوان الباب، والسوق، واتفاق أكثر النسخ، وصحتها، ونحو ذلك فلا حاجة فيها إلى انضمام الإجازة، وإلا فكيف قصر كتابه المنتقى على الصحاح والحسان؟ كأن الشيخ لم ينظر إلى ما ذكره في خطبته، وأودع في فوائده العشر.