تذنيب: (صفة رواية الحديث) (أولا) قالوا (1): شدد قوم في الرواية وأفرطوا، وتساهل آخرون ففرطوا.
فالمشددون قالوا: لا حجة إلا فيما رواه من حفظه، ومنهم من جوزها من كتابه الا إذا أخرج من يده.
والمتساهلون، من قال: يجوز من نسخ غير مقابلة بأصولهم.
والصواب: ما عليه الأكثر من أنه إذا قام في التحمل (و) المقابلة بما تقدم جازت الرواية منه وإن غاب، إذا كان الغالب سلامته من التغير، لا سيما إن كان ممن لا يخفى عليه بالتغير غالبا.
(ثانيا) ثم إنه إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه، ولا هي مقابلة به، لكن سمعت على شيخه، أو فيها سماع شيخه، أو كتبت عن شيخه، وسكنت نفسه إليها لم يجز الرواية منها عند عامة المحدثين من العامة. وهو تشدد فاحش، تدفعه السيرة القطعية، مضافا إلى أنه ينحصر الامر على القراءة على الشيخ والسماع منه وهو خلاف التحقيق كما عرفت، وخلاف ما عليه الأكثر. قد اعترف بذلك جماعة منهم فقالوا:
(إنه متى عرف أن هذه الأحاديث هي التي سمعها من الشيخ جاز أن يرويها إذا سكنت نفسه إلى صحتها وسلامتها) (2).
هذا إذا لم يكن له إجازة عامة لمروياته أو لهذا الكتاب، فإن كانت، جازت الرواية منها، وله أن يقول: (حدثنا) و (أخبرنا) من غير بيان الإجازة، والامر في ذلك قريب يقع مثله في محل التسامح، ولا غنى في كل سماع عن الإجازة ليقع ما يسقط عن الكلمات سهوا أو غيره مرويا بالإجازة، وإن لم يكن لفظا، فهذا تيسير حسن، لمسيس الحاجة إليه في أكثر الأزمنة.
وإن كان في النسخة سماع شيخ شيخه، أو كانت مسموعة عليه، فيحتاج ذلك إلى أن