(تاريخ تدوين الحديث) وتوضيح هذه الجملة إنا قد سبقناهم في كتابة الحديث وجمعه عن أهل البيت عليهم السلام (بكثير) من الزمان (كما يظهر لمن تتبع أحاديث الفريقين) من الصدر الأول. فقد صرح جماعة منهم كابن الصلاح في المقدمة، وابن حجر في مقدمة فتح الباري، ومسلم في أول صحيحه: (إن السلف اختلفوا في كتابة الحديث، فكرهها طائفة، منهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة والتابعين. وأباحها طائفة أخرى، كأمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب عليه السلام، وابنه الحسن عليه السلام، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص. ثم أجمع أهل العصر الثاني على جوازه. ثم انتشر تدوين الحديث وجمعه، وأجمع عليه الأئمة المقتدى بهم، وظهرت فوائد ذلك ونفعه) (1).
انتهى.
وعلل ابن حجر ذلك بأمرين قال:
(أحدهما: إنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك، كما ثبت في صحيح مسلم، خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن (2).
(وثانيهما) (3): ولسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، ولان أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة، ثم حدث في أواخر عصر التابعين (تدوين الآثار وتبويب) (4) الاخبار (لما انتشر العلماء في الأمصار) (5) وكثر الابتداع (6)) (7).
ثم ذكر أن أول من جمع الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة، إلى أن قام كبار الطبقة