علوم الحديث.. نشأتها وتطورها يعتبر الحديث الحاكي للسنة (1) من أهم مصادر التشريع الاسلامي وأغناها مطلقا، لتوافره على ثروة طائلة من النصوص التشريعية المختلفة، التي استغرقت في بيان الحكم الشرعي وتفصيله، حتى غطت مساحة واسعة من حاجة الانسان المتزايدة إليه.
فالسنة ملأت آفاق التشريع، واستقلت به في موارد كثيرة جدا، لذلك فحاجة الفقيه إليها في عملية استنباط الحكم الشرعي تفوق حاجته إلى المصادر التشريعية الأخرى، القرآن، والاجماع، والعقل.
أما آيات الاحكام في القرآن الكريم: فهي بالإضافة إلى كونها محدودة العدد ولا تفي بحاجة الفقيه، لتزايد حاجة الانسان المتجددة إلى الاحكام، قلما يستقل بها في استنباط الحكم الشرعي إلا إذا كانت صريحة في موردها، وإلا فهي تلتئم أكثر مع السنة في بيان الحكم الشرعي، لأنها إما مجملة تفسر بالسنة، أو مطلقة تقيد بها، أو عامة تخصص بها. وهي مع ذلك تحتوي على الكليات دون الجزئيات غالبا.
وأما الاجماع الحجة لم يثبت إلا في موارد محدودة، لغلبة استناد المجمعين على دليل معين، فيكون الاجماع مدركيا وليس بحجة، أو لثبوت تأخر زمان انعقاد الاجماع مما يفقده الحجية لعدم توفره على الشروط اللازمة لها.
والعقل: (قاصر عن ادراك ملاكات الاحكام، وعللها التامة الا في موارد نادرة لا محيص له من الحكم بها، كحسن العدل، وقبح الظلم) (2).
ثم إن السنة - بالإضافة إلى ذلك - وقفت إلى جانب القرآن الكريم، ومعجزة رسوله