أ - العامل الذاتي:
نقصد بالعامل الذاتي: مجموع الضرورات التي فرضتها طبيعة النص، لنشوء هذه الأنواع من علوم الحديث، كوجود الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص في كلام الرسول صلى الله عليه وآله.
وقد تكلم الإمام علي عليه السلام في روايته عن طبيعة تلك النصوص، ومميزاتها، حينما قال: (فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن، ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه.
قد يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل القرآن... فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله).
فهذه الضرورات، تفرض وجود تخصص علمي بالحديث الناسخ والمنسوخ، حتى نعتمد الحديث الناسخ دون المنسوخ في مقام العمل، ونأمن التعارض الواقع بينهما غالبا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الضرورات، ضرورات ذاتية فرضتها طبيعة النص، بمعزل عن الظروف والملابسات الخارجية التي اكتنفت الحديث متنا وسندا بعد ذلك.
وبهذا يتضح ان العامل الذاتي كان وراء نشوء الحاجة إلى بعض هذه العلوم، وكان السبب المباشر لنشأتها وتدوينها.
ب - العامل الموضوعي:
ونقصد بالعامل الموضوعي: مجموع الظروف والعوامل الخارجية التي طرأت على الحديث، فأحدثت فيه الثغرات، وأثارت حوله الشكوك، إما متنا أو سندا.
وهي اما ظروف سياسية فرضت وضعا خاصا على الحديث، فأحدثت فيه وهما غير مقصود، أو ساهمت في وضع جملة منه.
أو أنها انحرافات فكرية ومذاهب منحرفة، تبحث عن سند لها فوضعت الأحاديث أو حرفتها بما يلائمها.
أو أنها لجهالة كثير من الرواة وعدم ضبطهم، الذي أحدث الخلل الكبير في قطاع .