(مناقشة صاحب المنتقى) فإن قوله: (إنه ناشئ من قلة التدبر وواقع في غير محله) إلى قوله (وتضييع لاصطلاحهم) تحامل على الأصحاب في غير محله، فإن تلك الاطلاقات للصحيح إنما يتبعون فيها طريقة القدماء، لوجوه لا تخفى على الخبير الممارس كما ستعرف. وكيف يكون من قلة التدبر مع تبينهم وتصريحهم لوجه الاطلاق والمتابعة للمتقدمين في ذلك؟ وهل أطلقوا الصحة إلا على مراسيل المشاهير كابن أبي عمير أو صفوان بن يحيى؟ وذلك لما شاع بأنهم لا يرسلون إلا عمن يثقون بصدقه فشاركوا المتقدمين في وصف تلك المراسيل بالصحة لذلك. وكذلك شاركوهم في توصيف بعض الأحاديث التي يكون في سندها من يعتقدون أنه فطحي أو ناووسي بالصحة، نظرا إلى اندراجهم فيمن اجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم، مع تصريحهم بسند التوصيف، كما اتفق للعلامة في المختلف والخلاصة، فوصف في المختلف حديث عبد الله بن بكير بالصحة في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة، وفي الخلاصة قال:
(إن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح، وإن كان في طريقه أبان بن عثمان) (1). مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهما، فإذا كان الوجه في سلوك طريقة القدماء أحيانا معلوما فهل يكون في ذلك نقض للغرض أو تضييع للاصطلاح الجديد مع تلك القرائن الظاهرة لكل ممارس؟
وقوله: (ورأي ذلك من لم يتفطن للوجه فيه فحسبه اصطلاحا واستعمله على غير وجهه).