الطريق (الثالث: الإجازة) قيل: هي في الأصل مصدر أجاز، وأصلها اجوازة، تحركت الواو، فتوهم انفتاح ما قبلها، فانقلبت ألفا، فبقيت الألف الزائدة التي بعدها، فحذفت لالتقاء الساكنين، فصارت إجازة.
وفي المحذوف من الألفين الزائد أو الأصلية قولان مشهوران: الأول: قول سيبويه.
والثاني: قول الأخفش.
قيل: وهي كما قال الحسين بن فارس: مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية أو الحرث. تقول: استجزته فأجازني، إذا سقاك ماء لماشيتك، أو أرضك. كذا طالب العلم، يستجيز العالم علمه، ويطلب إعطائه له على وجه يحصل به الاصلاح لنفسه، كما يحصل للأرض والماشية الاصلاح بالماء.
وكثيرا ما يطلق على العلم اسم الماء، وعلى النفس اسم الأرض، وعليه بعض المفسرين لقوله تعالى:
﴿وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت﴾ (1).
ثم لما كانت مأخوذة من الإجازة التي هي الاسقاء تعدت إلى المفعول بغير واسطة حرف الجر، فتقول: أجزته مسموعاتي، كما تقول: أجزته مائي.
وقيل: إن الإجازة إذن وتسويغ. قال جدي في الدراية:
(وهو المعروف، وعلى هذا فيقول (2): (أجزت له رواية كذا)، كما تقول (3): (أذنت له، وسوغت له).) قال: