المخالف ما لم يبلغ خلافه حد الكفر، والمبتدع ما لم يكن يروي ما يقوي بدعته، ولذا روى البخاري عن جماعات من الخوارج والقدرية والمرجئة، كما ربما نشير إليه في هذا الشرح. ويكتفون في العدالة بعدم ظهور الفسق، والبناء على ظاهر حال المسلم، فلذلك اتسعت عندهم دائرة الصحة، وصارت الحسان والموثقات والقويات عندنا صحاحا عندهم مع القيودة الثلاثة المذكورة، يعني على ذلك المبنى.
وبعبارة أخرى لو كنا في التوسع في العدل، ونعرف العدالة مثلهم، لكانت دائرة الصحة عندنا واسعة، وصارت الحسان والموثقات والقويات عندنا على مبنانا اليوم صحاحا على ذلك المبنى، كما أنها على ذلك المبنى صحاحا مع القيود الثلاثة التي ذكروها للصحيح.
وقد أشار السيد المدقق في الرواشح، ووالد المصنف في رسالته إلى ما ذكرنا من اتساع دائرة الصحة عند الجمهور. ويريدون من الاتساع ما ذكرنا.
وقد أغفل مرادهم بالتوسعة التي نسبوها إلى العامة بعض الأفاضل المعاصرين واعترض وقال:
(إنهم قالوا (1): (أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه أنه يشترط في الراوي (2) أن يكون عدلا ضابطا. بأن يكون مسلما، بالغا، عاقلا، سليما من أسباب الفسق وخوارم (3) المروة، متيقظا، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث منه، عالما بما يحيل المعنى إن روى به.
(ثبوت العدالة) ثم إن العدالة تثبت (4) بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة.