قال أبو محمد: وكل هذا فإنما هو من احتجاج من لا يرى الحبس جملة وأما قول أبي حنيفة فكل هذا خلاف له لأنه يجيز الحبس ثم يجيز نقضه للمحبس ولورثته بعده ويجيز امضاءه وهذا لا يعقل، ونسوا احتجاجهم بالمسلم عند شرطه: وأوفوا بالعقود * قال أبو محمد: فإذ قد بطلت هذه الأقوال كلها فلنذكر البرهان على صحة قولنا بحول الله تعالى وقوته * روينا من طريق البخاري نا مسدد نا يزيد بن زريع نا ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: (أصاب عمر أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أصبت أرضا لم أصب قط مالا أنفس منه فكيف تأمر به؟ فقال: ان شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق بها عمر انه لا يباع أصلها ولا تورث في الفقراء. والقربى. والرقاب. وفى سبيل الله.
والضيف. وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه ومن طريق أحمد بن شعيب أنا سعيد بن عبد الرحمن المكي نا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر (قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: ان المائة سهم التي بخيبر لم أصب مالا قط هو أعجب إلى منها وقد أردت أن أتصدق بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: احبس أصلها وسبل ثمرتا) ورويناه أيضا من طريق حامد بن يحيى البلخي عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله وفيه (احبس الأصل وسبل الثمرة) وحبس عثمان بئر رومة على المسلمين بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل ذلك الخلف عن السلف جيلا بعد جيل وهي مشهورة بالمدينة، وكذلك صدقاته عليه السلام بالمدينة مشهورة كذلك وقد تصدق عمر في خلافته بثمغ وهي على نحو ميل من المدينة وتصدق بماله وكان يغل مائه وسق بوادي القرى كل ذلك حبسا وقفا لا يباع ولا يشترى أسنده إلى حفصة ثم إلى ذوي الرأي من أهله، وحبس عثمان. وطلحة. والزبير. وعلي بن أبي طالب. وعمرو بن العاص دورهم علي بنيهم وضياعا موقوفة، وكذلك ابن عمر. وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الصحابة جملة صدقاتهم بالمدينة أشهر من الشمس لا يجهلها أحد، وأوقف عبد الله ابن عمرو بن العاص الوهط علي بنيه، اختصرنا الأسانيد لاشتهار الامر ومن طريق مسلم نا زهير بن حرب نا علي بن حفص نا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله) في حديث * ومن طريق محمد بن بكر البصري نا أبو داود نا الحسن بن الصباح نا شبابة هو ابن سوار عن ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: (النبي صلى الله عليه وسلم وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله) في حديث (1) *