والثالث أن ابن عمر قد صح عنه ما أوردناه في الباب الذي قبل هذا من قوله: وددت انى رأيت الأيدي تقطع في بيع المصاحف فهلا قلتم مثل هذا لا يقال بالرأي كما قلتم ههنا، والرابع أن من الضلال العظيم أن يظن أن عندها رضي الله عنها في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثرا ثم تكتمه فلا ترويه لاحد من خلق الله تعالى حاشا لها من ذلك من أن تكتم ما عندها من البينات والهدى فما حصلوا الا على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقويله ما لم يقله قط إذ لو قاله لكان محفوظا بحفظ الله تعالى حتى يبلغ إلى أمته والكذب على أم المؤمنين، والخامس انها أنكرت البيع إلى العطاء بقولها بئس ما شريت والمالكيون يبيحونه بمثل هذا، وهذا عجب جدا نصف كلامها حجة ونصفه ليس بحجة، والسادس اننا روينا من طريق سعيد ابن منصور عن خديج بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي عن أم محبة ختنة أبى السفر انها نذرت مشيا إلى مكة فعجزت فقال لها ابن عباس: هل لك ابنة تمش عنك؟ قالت: نعم ولكنها أعظم في نفسها من ذلك * فإن كانت هذه الطريق لا حجة فيها فهي تلك نفسها أو مثلها بل قد جاء في حديث زيد بن أرقم عن أم محبة أيضا، إن كان ذلك الخبر حجة فهذا حجة والا فقد حصل التناقض فظهر فساد هذا الاحتجاج جملة ولله تعالى الحمد * وأما خبر ابن عباس فهو رأى منه وقد خالفه ابن عمر كما روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان عن ليث عن مجاهد قال: ذكر لابن عمر رجل باع سرجا بنقد ثم أراد أن يبتاعه بدون ما باعه قبل أن ينتقد فقال أبن عمر: لعله لو باعه من غيره باعه بدون ذلك ولم ير به بأسا، وكم قصة لابن عباس خالفوه فيها كما ذكر نا قبل هذا آنفا فسقط تعلقهم بابن عباس * وروينا من طريق عبد الرزاق نا معمر عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: لا بأس بان يشترى الشئ إلى أجل ثم يبيعه من الذي اشتراه منه بأقل من الثمن إذا قاصصه * قال أبو محمد: وأما قولهم: انها دراهم بأكثر منها فعجب لا نظير له جدا وقد قلت لبعضهم: ما تقولون فيمن باع سلعة إلى أجل بدينار (1) ثم اشتراها بنقد بدينارين؟ فقال:
حلال فقلت له: ومن أين وجب أن يكون إذ باعه بدينارين واشتراه بدينار ربا ودينارا بدينارين ولم يجب إذا باعه بدينار إلى أجل واشتراه بدينارين أن يكون ربا ودينارا بدينارين وهل في الهوس أعظم من أن يبيع زيد من عمرو دينارا بدينارين فيكون ربا ويبيع منه دينارين بدينار فلا يكون ربا ليت شعري في أي دين وجدتم هذا؟ أم في أي عقل؟
فما أتى بفرق ولا يأتون به أبدا * وأما قولهم: انهما أرادا الربا كما ذكرنا فتحيلا بهذا