عنه من خراجه فصح أن مال العبد له ما لم ينتزعه سيده وصح أن للسيد أخذ كسب عبده لنفسه * واختلف الناس في هذا فقال أبو حنيفة: إذا أدان العبد ببيع أو ابتياع بغير اذن سيده فهي جناية في رقبته ويلزم السيد فكه بها أو اسلامه إلى صاحب دينه * قال أبو محمد: أول ما يقال لهم: من أين قلتم هذا؟ وليس هذا الحكم موجودا في قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قول صاحب. ولا قياس. ولا رأى يعقل له وجه بل هو ضد ذلك كله قال الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) فبطل أن يكسب الحر أو العبد على سيده أو على غير نفسه الا حيث أوجبه النص كالعاقلة، ثم وجه آخر وهو قوله: ان البيع والابتياع جناية وهذا تخليط آخر، وقال مالك: إذا تداين العبد بغير اذن سيده فلسيده فسخ الدين عنه وهذا باطل شنيع لأنه إباحة لاكل أموال الناس بالباطل وقد حرمه الله تعالى. ورسوله عليه السلام قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام) ومن عجائب الدنيا أنهم يوجبون على من لم يبلغ جزاء ما جنى وكذلك المجنون ثم يسقطون البيع الواجب عن العبد العاقل ثم أتوا من ذلك بقول لم يأت قط في قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قول أحد قبل مالك نعلمه: ولا في قياس. ولا رأى له وجه * وعجب آخر وهو أنهم يقولون:
ان وجدت السلعة التي اشترى العبد بيده وجب ردها إلى صاحبها فليت شعري من أين وجب إزالة السلعة عن يد العبد ولم يجب اغرامه الثمن عنها ان لم توجد ولئن كانت السلعة مال البائع فان الثمن ماله ولئن كان الثمن ليس هو مال البائع فان السلعة ليست ماله بل قد عكس الامر ههنا أقبح العكس (1) وأوضحه فسادا لأنه رد إلى البائع سلعة قد بطل ملكه عنها وصح ملك العبد المشترى عليها فأعطاه ما ليس له ولم يعطه الثمن الذي هو له بلا شك وهذه طوام لا نظير لها، وقال الشافعي: بل الثمن دين عليه في ذمته إذا أعتق يوما ما وهذا قول في غاية الفساد لأنه إن كان الثمن لازما للعقد فلأي معنى يؤخر به إلى أن يعتق:
ولئن كان الثمن ليس لازما الآن فلا يجوز اغرامه إياه إذا أعتق، ولئن كان ابتياعه صحيحا فان الثمن عليه الآن واجب، ولئن كان ابتياعه فاسدا فما يلزمه ثمن أنما يلزمه قيمة ما أتلف فقط، فهذه آراء فاسدة متخاذلة متناقضة لا دليل على صحة شئ منها واختلافهم فيها دليل (2) على أنها ليست من عند الله عز وجل فتيقن (3) كل موقن سقوطها كلها، وقولنا هو قول أبى سليمان وأصحابنا، قد ذكرناه أيضا عن الحسن بن علي رضي الله عنهما