يتهم سلف المسلمين الصالح شهادة الوالد لولده ولا الولد لوالده ولا الأخ لأخيه ولا الزوج لامرأته ثم دخل الناس بعد ذلك فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم إذا كانت من قرابة وصار ذلك من الولد والوالد، والأخ والزوج والمرأة لم يتهم الا هؤلاء في آخر الزمان * ومن طريق أبى عبيد نا الحسن بن عازب عن جده شبيب بن غرقدة قال: كنت جالسا عند شريح فأتاه علي بن كاهل وامرأة وخصم لها فشهد لها علي بن كاهل وهو زوجها وشهد لها أبوها فأجاز شريح شهادتهما فقال الخصم: هذا أبوها وهذا زوجها فقال له شريح:
هل تعلم شيئا تجرح به شهادتهما؟ كل مسلم شهادته جائزة * ومن طريق عبد الرزاق نا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال: سمعت شريحا أجاز لامرأة شهادة أبيها وزوجها فقال الرجل: انه أبوها. وزوجها فقال شريح: فمن يشهد للمرأة الا أبوها وزوجها * ومن طريق ابن أبي شيبة نا شبابة عن ابن أبي ذئب عن سليمان بن أبي سليمان قال شهدت لامي عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقضى بشهادتي * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري قال: أجاز عمر عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلا، فهؤلاء عمر بن الخطاب وجميع الصحابة. وشريح. وعمر بن عبد العزيز. وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وبهذا يقول اياس بن معاوية. وعثمان البتي. وإسحاق بن راهويه: وأبو ثور. والمزني. وأبو سليمان. وجميع أصحابنا، ورأي الشافعي وأصحابه قبول شهادة الزوجين كل واحد منهما للآخر ورأي الأوزاعي ان لا يقبل الأخ لأخيه، وذكر ذلك الزهري عن المتأخرين من الولاة الذين ردوا الأب لابنه والابن لأبيه وأحد الزوجين لصاحبه، وأجاز أبو حنيفة. والشافعي الأخ لأخيه وأجازه مالك لأخيه الا في النسب خاصة، ورد مالك شهادة الصديق الملاطف لصديقه * قال أبو محمد: احتج المخالفون لنا بما روينا من طريق أبى عبيد نا مروان بن معاوية عن يزيد الجزري قال: احسبه يزيد بن سنان عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ظنين في ولاء أو قرابة ولا مجلود في حد * قال أبو محمد: وهذا عليهم لا لهم لوجوه، أولها انه لا يصح لأنه عن يزيد وهو مجهول فإن كان يزيد بن سنان فهو معروف بالكذب ثم لو صح لكانوا أول مخالف له في موضعين أحدهما تفريقهم بين الأخ والأب. وبين العم وابن الأخ. وبين الأب والابن وكلهم سواء إذ هم متقاربون في التهمة بالقرابة وكلهم يجيز المولى لمولاه وهذا خلاف الخبر