وان عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: أرأيت لو رأيت رجلا قتل أو شرب أو زنى؟ قال:
شهادتك شهادة رجل من المسلمين فقال له عمر: صدقت وانه روى نحو هذا عن معاوية.
وابن عباس * ومن طريق الضحاك أن عمر اختصم إليه في شئ يعرفه فقال للطالب:
ان شئت شهدت ولم أقض وان شئت قضيت ولم أشهد، وقد صح عن شريح انه اختصم إليه اثنان (1) فأتاه أحدهما بشاهد فقال لشريح وأنت شاهدي أيضا فقضى له شريح مع شاهده بيمينه، وروى عن عمر بن عبد العزيز لا يحكم الحاكم بعلمه في الزنا، وصح عن الشعبي لا أكون شاهدا وقاضيا، وقال مالك. وابن أبي ليلى في أحد قوليه. وأحمد وأبو عبيدة. ومحمد بن الحسن في أحد قوليه (2): لا يحكم الحاكم بعلمه في شئ أصلا، وقال حماد بن أبي سليمان: يحكم الحاكم بعلمه بالاعتراف في كل شئ الا في الحدود خاصة، وبه قال ابن أبي ليلى في أحد قوليه، وقال أبو يوسف. ومحمد بن الحسن في أول قوليه يحكم بعلمه في كل شئ من قصاص وغيره الا في الحدود وسواء علمه قبل القضاء أو بعده: وقال أبو حنيفة: لا يحكم بعلمه قبل ولايته القضاء أصلا * [وأما ما علمه بعد ولايته القضاء] (3) فإنه يحكم به في كل شئ الا في الحدود خاصة، وقال الليث:
لا يحكم بعلمه الا أن يقيم الطالب شاهدا واحدا في حقوق الناس خاصة فيحكم القاضي حينئذ بعلمه مع ذلك الشاهد، وقال الحسن بن حي: كل ما علم قبل ولايته لم بحكم فيه بعلمه وما علم بعد ولايته حكم فيه بعلمه بعد أن يستحلفه وذلك في حقوق الناس وأما الزنا فان شهد به ثلاثة والقاضي يعرف صحة ذلك حكم فيه بتلك الشهادة مع علمه، وقال الأوزاعي:
ان أقام المقذوف شاهدا واحدا عدلا وعلم القاضي بذلك حد القاذف، وقال الشافعي.
وأبو ثور. وأبو سليمان. وأصحابهم كما قلنا * قال أبو محمد: فنظرنا فيمن فرق بين ما علم قبل القضاء وما علم بعد القضاء فوجدناه قولا لا يؤيده قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قياس. ولا أحد قاله قبل أبي حنيفة وما كان هكذا فهو باطل بلا شك ثم نظرنا فيمن فرق بين ما اعترف به في مجلسه وبين غير ذلك مما عمله فوجدناه أيضا كما قلنا في قول أبي حنيفة وما كان هكذا فهو باطل الا أن بعضهم قال: إنما جلس ليحكم بين الناس بما صح عنده قلنا: صدقتم وقد صح عنده كل ما علم قبل ولايته وفى غير مجلسه وبعد ذلك ثم نظرنا فيمن فرق بين ما شهد به عنده شاهد واحد وبين ما لم يشهد به عنده أحد فوجدناه أيضا كالقولين المتقدمين