الطريق وهو عن ابن عباس لا يصح لأنه عن الحجاج بن أرطأة فلم يبق لهم الا ابن عمر وقد صح خلافه عن أنس فبطل تعلقهم بالآثار وبقى الاحتجاج بالقرآن والسنة * قال أبو محمد: أما قول مجاهد ومن اتبعه شهيدين من رجالكم من الأحرار فباطل وزلة عالم وتخصيص لكلام الله تعالى بلا برهان، وبالضرورة يدرى كل ذي حس سليم أن العبيد رجال من رجالنا وان الإماء نساء من نسائنا قال تعالى: (نساؤكم حرث لكم) فدخل في ذلك بلا خلاف الحرائر والإماء فظهر فساد هذا القول، وإنما خاطب الله تعالى في أول الآية الذين آمنوا والعبيد بلا خلاف منهم فهم في جملة المخاطبين بالمداينة والاشهاد والشهادة، واحتج بعضهم بقول الله تعالى: (عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) * قال أبو محمد: تحريف كلام الله تعالى عن مواضعه مهلك في الدنيا والآخرة ولم قل تعالى: ان كل عبد فهو لا يقدر على شئ إنما ضرب الله تعالى المثل بعبد من عبادة هذه صفته وقد توجد هذه الصفة في كثير من الأحرار ومن نسب غير هذا إلى الله تعالى فقد كذب عليه جهارا وأتى بأكبر الكبائر لان الله تعالى لا يقول الا حقا وبالمشاهدة نعرف كثيرا من العبيد أقدر على الأشياء من كثير من الأحرار، ونقول لهم: هل يلزم العبيد الصلاة. والصيام والطهارة ويحرم عليهم من المآكل والمشارب والفروج كل ما يحرم على الأحرار فمن قولهم: نعم فقد اكذبوا أنفسهم وشهدوا بأنهم يقدرون على أشياء كثيرة فبطل تعلقهم وتمويههم بهذه الآية، وقالوا: (ولا يأبى الشهداء إذا ما دعوا) قالوا: والعبد لا يقدر على أداء الشهادة لأنه مكلف خدمة سيده فقلنا: كذب من قال هذا بل هو قادر على أداء الشهادة كما يقدر على الصلاة وعلى النهوض إلى من يتعلم منه ما يلزمه من الدين، ولو سقط عن العبد القيام بالشهادة لشغله بخدمة سيده لسقط أيضا عن الحرة ذات الزوج لشغلها بملازمة زوجها، وقال بعضهم: العبد سلعة وكيف تشهد سلعة فقلنا: فكان ماذا؟ تشهد السلعة كما يلزم السلعة الصلاة والصيام والقول بالحق، وما نعلم لهم في هذه المسألة متعلقا لا بقرآن ولا بسنة ولا رواية صحيحة ولا سقيمة ولا نظر ولا معقول ولا قياس الا بتخاليط في غاية الفساد. واهذار باردة وقد تقصينا هذا في كتاب الايصال والحمد لله رب العالمين * قال أبو محمد: وكل نص في قرآن أو سنة في شئ من أحكام الشهادات فكلها شاهدة بصحة قولنا إذ لو أراد الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام تخصيص عبد من حر في ذلك لكان مقدورا عليه وما كان ربك نسيا، قال تعالى: (ممن ترضون من الشهداء) وقال تعالى: (وان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند
(٤١٤)