كل بلية وقد ترك حديثه إذ ظهر فيه البلاء، ثم سائر من رواه إلى أيوب ظلمات بعضها فوق بعض كلهم مجهولون، وعمرو بن عبد الحبار إن كان هو السنجاري فهو ضعيف وإن كان غيره فهو مجهول، ثم لو صح لكان المالكيون قد خالفوه وقد أجاز الحنيفيون بيع المدبر في بعض الأحوال وهو أنهم قالوا في عبد بين اثنين دبره أحدهما ثم أعتق الآخر نصيبه: فان على الذي دبر نصيبه أن يضمن قيمة نصيب صاحبه الذي أعتق حصته وهذا بيع للمدبر فقد خالفوا هذا الخبر الموضوع مع احتجاجهم به، وان العجب ليكثر ممن يرد حديث بيع المكاتب. وحديث المصراة. وحديث النهى عن بيع الكلب مع صحة أسانيدها وانتشارها ثم يحتج بهذه الكذبة، وذكروا ما روينا من طريق أبى جعفر محمد بن علي بن الحسين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع خدمة المدبر) وهذا مرسل ولا حجة في مرسل، ثم لو صح لكان حجة على الحنيفيين والمالكيين لأنهم لا يرون بيع خدمة المدبر ما لهم أثر غير ما ذكرنا * واحتجوا برواية عن نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في أولاد المدبرة: إذا مات سيدها ما نراهم الا أحرار أو ولدها كذلك منها فكأنه عضو منها * ومن طريق ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب. وربيعة قالا جميعا: ان عائشة أم المؤمنين باعت مدبرة لها في الاعراب فأخبر بذلك عمر فبعث في طلب الجارية فلم يجدها فأرسل إلى عائشة فأخذ الثمن فاشترى به جارية فجعلها مكانها على تدبيرها * ومن طريق وكيع نا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كره بيع المدبر * هذا كل ما موهوا به عن الصحابة رضي الله عنهم وكله لا حجة لهم فيه * أما خبر عمر فساقط لان الزهري. وربيعة لم يولدا الا بعد موت عمر بخمس وثلاثين سنة وزيادة فهو منقطع وأيضا ففيه عبد الجبار بن عمر وهو ضعيف، ثم لو صح لكان هذا عليهم لا لهم (1) لوجوه، أولها أن أم المؤمنين قد خالفته في ذلك فليس قوله حجة عليها ولا أولى من قولها وهذا تنازع فالواجب عند التنازع الرد إلى القرآن، والسنة وهما يبيحان بيع المدبر، والثاني أنهم قد خالفوه لان فيه انه قد أخذ الثمن فابتاع به جارية فجعلها مدبرة مكانها ويعيذ الله أمير المؤمنين من هذا الحكم الفاسد الظاهر العوار إذ يحرم بيع مملوكة من أجل مملوكة أخرى بيعت لا يحل بيعها، ويلزم على هذا من باع حرا أن يبتاع بالثمن عبدا فيعتقه مكانه وهذا خلاف قول الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) وكيف ان ذهب الثمن أو لم توجد به رقبة أو وجدت به رقاب أو وجدت المبيعة بعد ان جعلت هذه الأخرى مدبرة مكانها ولعل هذه تموت مملوكة فكيف (2)
(٣٦)