ابن منصور نا هشيم أنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه باع سلعة كانت له بالبراءة ثم ذكر الخبر بتمامه وقضى عثمان عليه باليمين أنه ما باعه وبه داء يعلمه (1) فكره ابن عمر اليمين وارتجع السلعة، فهذا عموم لكل مبيع واسناده متصل سالم عن أبيه وما نعلم لهم سلفا في تفريقهم هذا من الصحابة أصلا واما أقوال مالك فشديدة الاضطراب أول ذلك (2) انه حكى عن أحدها وهو الموافق لقول الشافعي انه الامر المجتمع عليه عندهم وهذا اللفظ عند مقلديه من الحجج التي لا يجوز خلافها وفى هذا عجبان عجيبان، أحدهما أنه روى عن عثمان. وابن عمر خلاف هذا الامر المجتمع عليه وما علمنا (3) اجماعا يخرج منه عثمان. وابن عمر، والثاني أنه رجع مالك نفسه عن هذا القول الذي ذكره أنه المجتمع عليه عندهم فلئن كان الامر المجتمع عليه عندهم بالمدينة حجة لا يجوز خلافها فكيف استجاز مالك أن يخالف المجتمع عليه بالمدينة وهو الحق؟ فلقد خالف الحق وتركه بعد أن علمه، وإن كان الامر المجتمع عليه عندهم بالمدينة ليس حجة ولا يلزم اتباعه فما بالهم يغرون الضعفاء به ويحتجون به في رد السنن اما هذا عجب! فان قالوا: لم يرجع مالك عنه الا لخلاف وجده هنالك فقلنا (4): فقد جاز الوهم عليه في دعوى الاجماع ووجد الخلاف بعد ذلك فلا تنكروا مثل هذا في سائر ما ذكر فيه انه الامر المجتمع عليه ولا تنكروا وجود الخلاف (5) فيه وهذا ما لا مخلص لهم منه الا أن هذا القول قد بينا في ابطالنا قول الشافعي بطلانه وبالله تعالى نتأيد. وأما قوله الثاني في تخصيصه الرقيق خاصة فما ندري له متعلقا أصلا لا من قرآن ولا من سنة ولا من رواية سقيمة.
ولا قول صاحب. ولا قياس. ولا رأى. ولعل قائلا يقول: انه قلد عثمان فقلنا: وما بال تقليد عثمان دون تقليد ابن عمر وكلاهما صاحب. وأيضا فما قلد عثمان لان عثمان لم يقل: ان هذا الحكم إنما هو في الرقيق خاصة وقد خالفه في قضائه بالنكول فما حصل الا على خلاف عثمان. وابن عمر فبطل هذا القول أيضا لتعريه عن الأدلة جملة. وأما قوله الثالث الذي رجع إليه فاشدها فسادا لأنه لا متعلق له بقول أحد نعلمه لا صاحب. ولا تابع.
ولا قياس. ولا سنة ولا رواية سقيمة. ولا رأى له وجه. ثم تخصيصه البيع على المفلس عجب وعهدة الثلاث كذلك ثم تخصيصه بالعيب الخفيف وهو لم يبين ما الخفيف من الثقيل فحصل مقلدوه في أضاليل لا يحكمون بها في دين الله تعالى الا بالظن فسقطت هذه الأقوال كلها وبالله تعالى التوفيق * وأما قول أبي حنيفة فإنهم قالوا: قد صح الاجماع المتيقن على أنه إذا باع وبرئ من عيب سماه فإنه يبرأ منه ولا فرق بين تفصيله عيبا عيبا