كانت اجماعا فقد خالفوا الاجماع وإن كان حجة حق لا يجوز خلافها فقد خالفوا حجة الحق التي لا يجوز خلافها وان لم تكن حجة ولا اجماعا (1) فالايهام بايرادها لا يجوز وقد روينا خلاف ذلك عن الصحابة كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه قال في قضاء معاذ بن جبل باليمين بن أهلها قضى انه أيما رجل وهب أرضا على أنك تسمع وتطيع فسمع له وأطاع فهي للموهوبة له: وأيما رجل وهب كذا وكذا إلى اجل ثم رجع إليه فهو للواهب إذا جاء الأجل وأيما رجل وهب أرضا ولم يشترط فهي للموهوبة له * وبه إلى عبد الرزاق عن معمر قال: كان الحسن البصري يقول:
لا يعاد في الهبة * وبه إلى معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: لا يعود الرجل في الهبة فهذا معاذ.
والحسن. وطاوس يقولون بقولنا سواء سواء. وقالوا: إنما خصصنا ذوي الرحم المحرمة (2) لان الهبة لهم مجرى الصدقة وبين الزوجين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ان المسلم إذا انفق على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة) قالوا: ولا خلاف في أنه لا يرجع في الصدقة * قال على: فقلنا لهم: والهبة لغير ذي الرحم ولغير الزوجة أيضا صدقة لان الله تعالى يقول: (ولا تنسوا الفضل بينكم) * وروينا من طريق ابن أبي شيبة نا عباد بن العوام عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل معروف صدقة) فهذا في غاية الصحة فصح أن كل هبة لمسلم فهي صدقة فإذ قد صح اجماع عندهم على أن لا رجوع في الصدقة فهم أصحاب قياس بزعمهم فهلا قاسوا الهبة على الصدقة فهي أشبه شئ بها؟ ولكنهم لا يحسنون قياسا ولا يتبعون نصا * قال أبو محمد: فإذ قد بطل كل ما موهوا به فالحجة لقولنا هو قول الله تعالى: (أوفوا بالعقود) وبقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) فهذا موضع الاحتجاج بهاتين الآيتين لا حيث احتجوا بهما حيث بينت السنة انه لا مدخل له فيهما ونسوا احتجاجهم بالمسلمين عند شروطهم، وأيضا ما روينا من طريق البخاري نا مسلم بن إبراهيم نا هشام - هو الدستوائي - وشعبة قالا جميعا نا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه) * ومن طريق البخاري نا عبد الرحمن بن المبارك نا عبد الوارث هو ابن سعيد التنوري نا أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه) ومن طريق أحمد بن شعيب أنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام نا إسحاق الأزرق نا الحسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عباس وابن عمر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لاحد يعطى العطية فيرجع فيها