تكون محسوبة من الثلث. مسألة: ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من وقف وقفا جاز له أن يشرط أنه إن احتاج إليه في حال حياته كان له بيعه والانتفاع بثمنه، والقول أيضا: بأن الوقف متى حصل له من الخراب بحيث لا يجدي نفعا جاز لمن هو وقف عليه بيعه والانتفاع بثمنه، وإن أرباب الوقوف متى دعتهم ضرورة شديدة إلى ثمنه جاز لهم بيعه ولا يجوز لهم ذلك مع فقد الضرورة.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يجيزوا اشتراط الواقف لنفسه ما أجزناه ولا بيع الوقوف على حال من الأحوال إلا ما رواه بشر عن أبي يوسف في سنة تسع وسبعين أنه إن جعل الواقف الخيار لنفسه في بيع الوقف، وأن يجعل ذلك في وقف أفضل منه فهو جائز، وإن مات قبل أن يختار إبطاله مضى الوقف على سبيله.
قال: وقال أبو يوسف: بعد ذلك لا يجوز الاستثناء في إبطال الوقف والوقف جائز نافذ.
دليلنا اتفاق الطائفة، ولأن كون الشئ وقفا تابع لاختيار الواقف وما يشترط فيه فإذا شرط لنفسه ما ذكرناه كان كسائر ما يشرطه وليس لهم أن يقولوا: هذا شرط ينقض كونه وقفا وحبسا وخارجا من ملكه، وليس كذلك باقي الشروط لأنه لا تنافي بينها وبين كون ذلك وقفا.
قلنا: ليس ذلك يناقض كونه وقفا لأنه متى لم يجز الرجوع فهو ماض على سبيله ومتى مات قبل العود نفذ أيضا نفوذا تاما، وهذا حكم ما كان مستفادا قبل عقد الوقف، وكيف يكون ذلك نقضا لحكمه وقد بينا أن الحكم باق.
فإن قيل: لو جاز دخول هذا الشرط في الوقف لجاز دخول مثله في العتق.
قلنا: هذا قياس وقد بينا أن القياس لا يصح إثبات الأحكام الشرعية به، وبعد فإن الفرق بين العتق والوقف: أن العتق عندنا لا يجوز دخول شئ من الشروط فيه، وليس كذلك الوقف لأن الشرائط تدخله مثل أن يقول: هذا وقف على فلان فإن مات فعلى فلان، وما جرى هذا المجرى، وإذا دخلته الشروط جاز دخول الشرط الذي ذكرناه.
فإن قيل: فقد خالف أبو علي بن الجنيد فيما ذكرتموه وذكر أنه لا يجوز للواقف أن