كالراجع في قيئه، لا يصح لأنه خبر واحد، ثم هو معارض بأخبار واردة من طرقهم في جواز الرجوع على أن الألف واللام إن كانتا للجنس دخل الكلب في من أريد باللفظ وإن كانتا للعهد فالمراد الكلب خاصة لأنه لا يعهد الرجوع في القئ إلا له، وعلى الوجهين لا يجوز أن يكون المستفاد بالخبر التحريم لأن الكلب لا تحريم عليه بل يكون المراد الاستقذار والاستهجان، وقد روي من طريق آخر: الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه، وذلك يصح ما قلناه على أنه لو دل على التحريم خصصناه بالموضع الذي يذهب إليه بالدليل.
والهبة في المرض المتصل بالموت محسوبة من أصل المال لا من الثلث بدليل الاجماع المشار إليه، ولا تجري الهبة مجرى الوصية لأن حكم الهبة منجز في حال الحياة وحق الورثة لا يتعلق بالمال في تلك الحال وحكم الوصية موقوف إلى بعد الوفاة وحق الورثة يتعلق بالمال في ذلك الوقف فكانت محسوبة من الثلث.
وهبة المشاع جائزة بدليل الاجماع المشار إليه ولأن الأصل الجواز والمنع يفتقر إلى دليل، ويحتج على المخالف بالأخبار الواردة في جواز الهبة لأنه لا فصل فيهما بين المشاع وغيره.
ولو قبض الهبة من غير إذن الواهب لم يصح ولزمه الرد لأنه لا خلاف في صحة ذلك مع الإذن وليس على صحته من دونه دليل، وإذا وهب ما يستحقه في الذمة كان ذلك إبراء بلفظ الهبة ويعتبر قبول من عليه الحق لأنه في إبرائه منه منة عليه ولا يجبر على قبول المنة.
ومن منح غيره ناقة أو بقرة أو شاة لينتفع بلبنها مدة لزمه الوفاء بذلك إذا قصد به وجه الله تعالى وكان ذلك الغير ممن يصح التقرب إلى الله تعالى ببره، ويضمن هلاك المنيحة ونقصانها بالتعدي.
وكذا لا يجوز الرجوع في السكنى والرقبى والعمرى إذا كانت مدتها محدودة وقصد بها وجه الله تعالى والرقبى والعمرى سواء وإنما يختلفان بالتسمية فالرقبي أن يقول: أرقبتك هذه الدار مدة حياتك أو حياتي، والعمرى أن يقول: أعمرتك كذلك. وإذا علق المالك ذلك بموته رجع إلى ورثته إذا مات، فإن مات الساكن قبله فلورثته السكنى إلى أن يموت المالك،