أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه (1)، فإنه تعالى بعد نهيه عن الغيبة صريحا أراد بيان كونها من الكبائر الموبقة والجرائم المهلكة.
فشبه المغتاب - بالكسر - بآكل الميتة، إما لأنه يأكل الجيف في الآخرة كما في بعض الروايات (2)، أو لتشبيه بالسباع والكلاب، أو لكون حرمة الغيبة كحرمة أكل الميتة، بل أعظم كما في رواية العسكري (عليه السلام) (3).
وقد شبه عرض المؤمن باللحم، فإنه ينتقص بالهتك كما ينتقص اللحم بالأكل، وشبه الاغتياب بالأكل لحصول الالتذاذ بهما، ووصف المؤمن بأنه أخ، فإن المؤمنين إخوة ومن طبيعة الإخوة أن يكون بينهم تحابب وتوادد، وشبه المغتاب (بالفتح) بالميت لعدم حضوره في أكثر حالات الاغتياب.
وصدر سبحانه وتعالى الجملة بالاستفهام الانكاري اشعارا للفاعل بأن هذا العمل يقبح أن يصدر من أحد، إذ كما لا يحب أحد أن يأكل لحم أخيه الميت، لاشمئزاز طبعه عنه وشدة رأفته به، وكذلك لا بد وأن يشمئز عقله عن الغيبة لكونها هتكا لعرض أخيه المؤمن.
وقد استدل على حرمة الغيبة بآيات أخر، ولكن لا دلالة في شئ منها على ذلك إلا بالقرائن الخارجية، فلا يكون الاستدلال بها بالآيات بل بتلك الأمور الخارجية.