إن الجزاء وفاق لا على عوض * فإن يكن عوض فلست أوثره سلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعلموا يا إخواننا أن هذا المنزل من أعظم المنازل قدرا هو منزل النكاح الغيبي وهو نكاح المعاني والأرواح ويختص بهذا المنزل علم التجلي الإلهي المشبه بالشمس ليس دونها سحاب دون التجلي القمري البدري وهو قوله صلى الله عليه وسلم ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وليس لهذا التجلي مدخل في هذا المنزل وكما ترون الشمس بالظهيرة ليس دونها سحاب وهذا المنزل منزله ومن هنا يعرف وهو مظهر إلهي عجيب ومن هذا المنزل يعرف الجود المقيد بالخوف والجزاء ومرتبة الصدق وإن قبح ومرتبة الكذب وإن حسن والغني المكتسب وهو الغني العرضي وعلامات السعادة وعلامات الشقاء وخيبة المعتمد على الأمور التي قد نصبها الله للاعتماد عليها ولما ذا يخيب صاحبها مع كون الحق نصبها لهذا وأهلها لها وعلم الإفصاح عن درجات التقريب الإلهي من حضرة اللسن ومعرفة المقام الذي تتألف فيه الضرتان وتتحابان ومعرفة الاصطلام اللازم وصفة من أعطى مقام هذا الاصطلام من المقربين من أمثالهم ممن لم يعطه والجود بما يجده العارف من كل شئ مما لا يجب عليه وهو خلق الجود الإلهي وهل يكون الحق عوضا ينال بعمل خاص أم لا ولنبين إن شاء الله حقائق هذا المنزل فصلا فصلا إيماء وتلويحا فإنه يطول والله المؤيد لا رب غيره فمن ذلك النكاح الغيبي المنتج قال تعالى وأرسلنا الرياح لواقح وقال تعالى وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات وقال جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وقد تقدم الكلام على هذا الفصل في فصل المعارف من هذا الكتاب في باب الآباء العلويات والأمهات السفليات فلينظر هنالك ولنذكر في هذا المنزل ما يتعلق به وهو أن المعاني تنكح الأجسام نكاحا غيبيا معنويا فيتولد بينهما أحكامهما وذلك حجاب على اليد الإلهية الغيبية التي ما من شأنها أن تدرك ومن ذلك جميع الصور الظاهرة في الهباء الهباء لها كالمرأة والصور لها كالبعل ولا يوجد عنهما إلا أعيانهما وهذا من أعجب الأسرار أن يكون الولد عين الأب والأم لمن هو لهما ولد والأب والأم عين الولد لمن هما له أبوان وهو الذي أشار إليه الحلاج رحمه الله في قوله ولدت أمي أباها ولا يكون الوالد عين الولد لمن هو له والد وهو له ولد إلا في هذا النكاح ومن هذا الباب قوله كن وهي كلمة أمر التكوين وقال في عيسى إنه كلمة الله وفي الموجودات إنها كلمات الله وما له كلمة في الموجودات إلا كن وهي عين الموجود فإنه الكلمة وتوجهها على العيون الثابتة فالأعين لها كالأم فظهرت الكلمات وهو وجود تلك الأعيان عن هذا النكاح الغيبي وكان الولد بينهما عينهما ليس غيرهما وهذا ألطف من الأمر الأول فإن الولد هنا عين كلمة الحضرة فكن عين المكون وهو منسوب إلى الله والأول في الدرجة الثانية فإنه منسوب إلى الهباء والصورة وهذا النكاح مدرج فيه فافهم فقد رميت بك على الطريق فالجسمانيات كلها أولاد عن نكاح غيبي والأجسام كلها منها ما هو عن نكاح غيبي ومنها ما هو عن نكاح غيبي مدرج في نكاح حسي كنكاح الرياح والمياه والحيوانات والنبات والمعادن وما يتولد في الأجسام العنصرية لا الأجسام الطبيعية فإن العالم الملكي لا يتولد عنه من جنسه شئ إلا أن يكون أبا في وقت لأم عنصرية بما يلقى إليها فما ينتج فذلك الولد بينهما قد يخلق ملكا وهو المعبر عنه بلمة الملك وهو ما يلقيه إلى النفس الإنسانية فيتولد بينهما تسبيحة أو تهليلة تخرج نفسا من المسبح والمهلل فينفتح في عين ذلك النفس وجوهره صورة ملكية يكون ذلك الملك الملقي أباها والنفس أمها فترتقي تلك الصورة إلى أبيها وتلازمه بالاستغفار لأمه التي هي النفس الإنسانية إلى يوم القيامة ومن هنا يحكم في الشريعة للوالد بأخذ ولده عن أمه إذا ميز وعقل بلا خلاف فإن هذا الملك يخلق عاقلا ومن أعجب الأنكحة الإعدام ولهذا اختلف فيه أهل الكشف فالله سبحانه علقه بالمشيئة فقال إن يشأ يذهبكم وعلق الاقتدار بإيجاد قوم آخرين فقال ويأت بقوم آخرين وكان الله على ذلك ولم يقل ذينك على التثنية فكانت الإشارة من حيث أحديتها للأقرب وهو الذي أتى به ومن هذا الباب إرسال الريح العقيم فإنها لإزالة أعيان الصور الظاهرة عن التأليف لا أعيان الجواهر فما أنتجت وجودا فنسب إليها العقم ونفي عنها أن تكون لاقحة فهذا نكاح لمجرد الشهوة لا لوجود الولد كنكاح أهل الجنة فما يكون عن كل شهوة كيان ولا بد وجود عيني لنفسه
(٦٥٦)