لأحرقت العالم فلا تخلو هذه الحجب إما أن تكون من العالم ولا شك أن السبحات لو لم تنبسط على الحجب لما كانت حجبا عنها ولو اقتضت السبحات الإحراق احترقت الحجب ثم لا تخلو الحجب أن تكون كثيفة أو لطيفة فإن كانت لطيفة لم تحجب كما لم يحجب الهواء اتصال شعاع الشمس بالأجسام الأرضية وإن كانت كثيفة كالجدران وأشباهها فلا خفاء إن الجدار يسخن بشعاع الشمس إذا كان متراص الأجزاء غير مخلخل ثم إن النور لا تحجبه الظلمة لأنه ينفرها فلا تجتمع به لكن تجاوره من خلف الحجاب الموجد للظلمة التي تباشر النور فالظلمة تجاور الشعاع والموجد للظلمة يقبل انبساط الشعاع عليه فلا تكون الظلمة حجابا بهذا الاعتبار وقد ثبت كونها حجابا وكون النور حجابا على نور الوجه والنور يتقوى بالنور لا يحجبه فافهم حقيقة سبحات الوجه وإنها دلائل ذاتية إذا ظهرت أحرقت نسبا لا أعيانا فتبين أنها عين تلك الأعيان أعني الوجه فزال الجهل الذي كانت ثمرته إن العالم ما هو عين الوجه فبقي العالم على صورته لم تذهبه السبحات بل أثبتته وأبانت عن وجه الحق ما هو فكان الحجاب معنويا فاحترقت النسبة (الفصل الثاني والثلاثون) في الاسم الإلهي العزيز وتوجهه على إيجاد المعادن وله حرف الظاء المعجمة ومن المنازل سعد الذابح اعلم أن الذات لما اختصت بسبع نسب تسمى صفات إليها يرجع جميع الأسماء والصفات وقد ذكرنا رجوعها إليها في كتاب إنشاء الجداول كما ذكرها من تقدم قبلنا غير أني زدت على من تقدم بإلحاق الاسم المجيب مع الاسم الشكور لصفة الكلام فإن المتقدمين قبلنا ما ألحقوا بالاسم الشكور الاسم المجيب وكانت السماوات سبعا والسيارة سبعة والأرضون سبعة والأيام سبعة جعل الله تكوين المعادن في هذه الأرض عن سباحة هذه السبعة الدراري بسبعة أفلاكها في الفلك المحيط فأوجد فيها سبعة معادن ولما كان الاسم العزيز المتوجه على إيجادها ولم يكن لها مشهود سواه عند وجودها أثر فيها عزة ومنعا فلم يقو سلطان الاستحالة التي تحكم في المولدات والأمهات من العناصر يحكم فيها بسرعة الإحالة من صورة إلى صورة مثل ما يحكم في باقي المولدات فإن الاستحالة تسرع إليهم ويظهر سلطانها فيهم بزيادة ونقص وخلع صورة منهم وعليهم وهذا يبعد حكمه في المعادن فلا تتغير الأحجار مع مرور الأزمان والدهور إلا عن بعد عظيم وذلك لعزتها التي اكتسبتها من الاسم الإلهي العزيز الذي توجه على إيجادها من الحضرة الإلهية ثم إن هذا الاسم طلب بإيجادها رتبة الكمال لها حتى تتحقق بالعزة فلا يؤثر فيها دونه اسم إلهي نفاسة منه لأجل انتسابها إليه وعلم العلماء بأن وجودها مضاف إليه فلم يكن القصد بها إلا صورة واحدة فيها عين الكمال وهو الذهبية فطرأت عوارض لها في الطريق من الاسم الضار وإخوانه فأمرض أعيانهم وعدل بهم عن طريقهم حكمت عليهم بذلك المرتبة التي مروا عليها ولا يتمكن لاسم أن يكون له حكم في مرتبة غيره فإن صاحب المنزل أحق بالمنزل وهم أرباب الأدب الإلهي ومعلمو الأدب فبقي الاسم العزيز في هذه المرتبة يحفظ عين جوهر المعدن وصاحب المرتبة من الأسماء يتحكم في صورته لا في عين جوهره وللأسماء الإلهية في المولدات والعناصر سدنة من الطبائع ومن العناصر يتصرفون في هذه الأمور بحكم صاحب المرتبة الذي هو الاسم الإلهي وهم المعدن وحرارته وبرد الشتاء وحرارة الصيف والحرارة المطلقة والبرودة والرطوبة واليبوسة ولكل واحد مما ذكرناه حكم يخصه يظهر في جوهر المولدات والعناصر فيسخف ويكثف ويبرد ويسخن ويرطب وييبس ورتبة الكمال من تعتدل فيه هذه الأحكام وتتمانع ولا يقوى واحد منهم على إزالة حكم صاحبه فإذا تنزه الجوهر عن التأثير فخلع صورته عنه ومنع نفسه من ذلك فذلك حكم رتبة الكمال وليس إلا الذهب في المعدن وأما سائر الصور فقامت بها أمراض وعلل أخرجتهم عن طريق الكمال فظهر الزئبق والأسرب والقزدير والحديد والنحاس والفضة كما ظهر الياقوت الأصفر والأكهب في جوهر الياقوت ولما فارقت المعدن الذي هو موطنها في ركن الأرض بقيت على مرضها ظاهرة بصورة الاعتلال دائما فالحاذق النحرير من علماء الصنعة إذا عرف هذا وأراد أن يلحق ذلك المعدن برتبة الكمال ولا يكون ذلك إلا بإزالة المرض وليس المرض إلا زيادة أو نقصا في الجوهر وليس الطب إلا زيادة تزيل حكم النقص أو نصا يزيل حكم الزيادة وليس الطبيب إلا أن يزيد في الناقص أو ينقص من الزائد فينظر الحاذق من أهل النظر في طب المعادن ما الذي صيره حديدا أو نحاسا أو ما كان وحال بينه
(٤٦٠)