وبين الذهبية أن يصل إلى منزلتها ويظهر صورتها فيه فيفوز بدرجة الكمال ويجوز صفة العزة والمنع عن التأثير فيه وتساعد هذا الطبيب سباحة الأنوار السبعة في أفلاكها أعني الدراري وهي القمر والكاتب والزهرة والشمس والأحمر والمشتري وكيوان بما في قوتها لما يعطيه بعضها من اختلاف الزمان وحكم كل زمان يخالف حكم الذي يليه من وجه ويوافقه من وجه ويخالفه من جميع الوجوه ولا يمكن أن يوافقه من جميع الوجوه إذ لو وافقه لكان عينه ولم يكن اثنان وهما اثنان بلا شك فالموافقة من جميع الوجوه لا تكون ولكرور هذه الأزمان وتوالي الجديدين أثر في الأركان وأثر في عين الولد في تسوية جوهره وتعديله فإذا سواه وعدله وهو أن يصيره جوهرا قابلا لأي صورة يريد الحق أن يركبه فيها والصور مختلفة فاختلفت المعادن كما اختلف النبات بالصورة كما اختلف الحيوان بالصورة وهو من حيث الجوهر الطبيعي واحد العين ولهذا يعمه من حيث جوهره حد واحد وما تختلف الحدود فيه إلا من أجل الصورة وكذلك في الآباء والأمهات بل جوهر العالم كله واحد بالجوهرية والعين تختلف بالصور وما يعرض له من الأعراض فهو المجتمع المفترق والواحد الكثير صورة الحضرة الإلهية في الذات والأسماء فيرد الحاذق الجوهر المعلول الذي عدلت به علته عن طريق الكمال إلى طريقه ليتمكن من تدبيره وحفظ بقاء صحته عليه ويحفظه مما بقي له في طريقه من منازل التغييرات الحائلة بينه وبين رتبة الكمال وإنما فعل الله هذا بهذا الجوهر في الطريق وسلط عليه من يعله ويمرضه حتى يحول بينه وبين بلوغه إلى رتبة الكمال العدني لمصالح هذا النوع الإنساني لعلمه بأنه يحتاج إلى آلات وأمور لا بد له منها ولا يكون له هذه الآلات إلا بقيام هذه الأمراض بهذا الجوهر وعدوله عن الطريق وحال الله سبحانه بين الأطباء وبين العلم بإزالة هذه الأمراض من هذا الجوهر إلا الأمناء منهم الذين علم الله منهم أنهم يبقون الحكمة على ما وضعها الله في العالم فيبقى الحديد حديدا لما فيه من المنافع التي لا تكون في الذهب ولا في غيره من المعادن كما قال تعالى وأنزلنا الحديد يريد أنه أنزله عن رتبة الكمال لأجل ما فيه من منافع الناس فلو صح من مرضه لطغى وارتفع ولم توجد تلك المنافع وبقي الإنسان الذي هو العين المقصودة معطل المنافع المتعلقة بالحديد التي لا تكون إلا فيه ففيه كما قال الله بأس شديد ومنافع للناس وهكذا سائر المعادن فيها منافع للناس وقد ظهرت واستعملها الإنسان فانظر ما أشد عناية الله بهذا النوع الإنساني وهو غافل عن الله كافر لنعمه متعرض لنقمه ولما علم الله أن في العالم الإنساني من حرمه الله الأمانة ورزقه إذاعة الأسرار الإلهية وسبق في علمه أن يكون لهذا الذي هو غير أمين رزقه في علم التدبير رزقه الشح به على أبناء جنسه بخلا وحسدا ونفاسة أن يكون مثله غيره فترك العمل به غير مأجور فيه ولا موافق لله ثم إن الله كثر المعادن ولم يجعل لهذا الإنسان أثرا إلا فيما حصل بيده منها وما عسى أن يملك من ذلك فيظهر في ذلك القدر تدبيره وصنعته ليعلم العقلاء الحكماء أنه غير أمين فيما أعطاه الله فإنه ما أذن له في ذلك من الله ثم إن الله جعل للملوك رغبة في ذلك العلم فإذا ظهر به من ليس بأمين عندهم سألوه العلم فإن منعهم إياه قتلوه حسدا وغيظا وإن أعطاهم علم ذلك قتلوه خوفا وغيرة ولما علم العالم أن ما له مع الملوك إلا مثل هذا لم يظهر به عندهم ولا عند العامة لئلا يصل إليهم خبره لا أمانة وإنما ذلك خوفا على نفسه فلا يظهر في هذه الصنعة عالم بها جملة واحدة والمتصور فيها بصورة العلم يعلم في نفسه أنه ما عنده شئ وأنه لا بد أن يظهر للملك دعواه الكاذبة فيأمن غائلته في الغالب من القتل ويقنع بما يصل إليه من جهته من الجاه والمال للطمع الذي قام بذلك الملك فما ظهر عالم بهذه الصنعة قط ولا يظهر غيرة إلهية مع كونه قد رزقه الله الأمانة في نفسه ومن هذا الاسم الإلهي وجود الأحجار النفيسة كاليواقيت واللآلئ من زبرجد وزمرد ومرجان ولؤلؤ وبلخش وجعل في قوة الإنسان إيجاد هذا كله أي هو قابل إن يتكون عنه مثل هذا ويسمى ذلك في الأولياء خرق عادة والحكايات في ذلك كثيرة ولكن الوصول إلى ذلك من طريق التربية والتدبير أعظم في المرتبة في الإلهيات ممن يتكون عنه في الحين بهمته وصدقه فإن الشرف العالي في العلم بالتكوين لا في التكوين لأن التكوين إنما يقوم مقام الدلالة على إن الذي تكون عنه هذا بالتدبير عالم وصاحب خرق العادة لا علم له بصورة ما تكون عنه بكيفية تكوينها في الزمن القريب والعالم يعلم ذلك
(٤٦١)