من الأفلاك والكواكب والحركات في وجود عين تلك الزهرة والورقة أثر وحكم عن أمر إلهي قد يعلمه السبب الحادث وقد لا يعلمه وهي أسباب ذاتية كلها ومنها عرضية كإلقاء المدرس الدرس على الجماعة فهذا من الأسباب العرضية وهو كل ما كان للسبب فيه إرادة وما عدا ذلك فهو ذاتي فالعلاقة التي بين الأسباب والمسببات لا تنقطع فإنها الحافظة لكون هذا سببا وهذا مسببا عنه ولما أوجد الله هذه النفس الكلية من نفس الرحمن بعد العقل كوجود الهاء بعد الهمزة أو الهمزة بعد الهاء في النفس الإنساني المخلوق على الصورة فهو في النفس الرحماني نفس كلية وفي النفس الإنساني هاء وضمير وكناية فهي تعود من حيث ما هي ضمير على من أوجدها فإنها عين الدلالة عليه فافهم فإن الدلالة لا تكون إلا في الثاني فإنه يطلب الأول وليس الأول يطلب الثاني بحكم الدلالة ولهذا قال رسول الله ص من عرف نفسه عرف ربه وهو الثاني فإنه موضع الدلالة وقال في الأول والله غني عن العالمين فنزهه عن الدلالة ولهذا لا يصح أن يكون علة وإليه الدلالة بقوله ص كان الله ولا شئ معه فهو غني عن الدلالة وفي هذه الرتبة أوجد الله البطين من المنازل التي تنزلها الجواري والكواكب البطيئة الحركة وأعطى الله هذه النفس قوتين قوة علمية وقوة عملية فبالقوة العلمية تظهر أعيان الصور وبالقوة العلمية تعلم المقادير والأوزان ومن الوجه الخاص يكون القضاء والقدر لهذا ولا يعرف ذلك إلا بعد وقوعه إلا من عرفه الله بذلك فحكم القضاء والقدر لا بعرف إلا مما ذكرناه بخلاف المقادير والأوزان فإن ذلك في علم النفس ونسبة هذه النفس إلى كل صورة في العالم نسبة واحدة من غير تفاضل إلا أن الصور تقبل من ذلك بحسب استعداداتها التي هي عليا في ذاتها فيظهر التفاضل وأما هناك فلا تفاضل إلا بينها وبين العقل ولما بينت لك حصر الآيات في الكلام الإلهي الظاهرة في النفس الرحماني كالآيات في القرآن العزيز وفي الكتب المنزلة والصحف المرسلة فإن لها سورا تجمع تلك الآيات وتفصل بعضها من بعض كما جاءت سور القرآن وهي منازله المعلومة الجامعة للآيات كما الآيات جامعات للكلمات كما الكلمات جامعة للحروف كما هي الحروف ظروف المعاني فسور هذه الآيات عشر سور من غير زيادة ولا نقصان فمنها سورة الأصل وهي السورة التي تتضمن كل آية تدل على عين قائمة بنفسها في العالم الحاملة غيرها السورة الثانية سورة المحمول وهي تتضمن كل آية تدل على عين لا تقوم بنفسها بل تفتقر إلى محل وعين يظهر وجودها بذلك المحل وقد تكون تلك العين لازمة وقد تكون عرضية على قدر ما تعطيه حقيقتها والسورة الثالثة سورة الدهر والرابعة سورة الاستواء وله أصلان الأصل الأول ظرفية العماء والأصل الثاني ظرفية العرش فالأول ظرفية المعاني والثاني ظرفية السور والسورة الخامسة سورة الأحوال والسورة السادسة سورة المقدار والسورة السابعة سورة النسب والسورة الثامنة سورة التوصيل والأحكام والعبارات والإشارات والإيماء وما يقع به الإفهام بين المخاطبين وهو نطق العالم وقول كل قائل وهي الأسماء الإلهية التي علم الله آدم فمنها ما كانت الملائكة تعلمه وما اختص آدم إلا بالكل وما عرض من المسميات إلا ما كانت الملائكة تجهله والسورة التاسعة سورة الآثار الوجودية والسورة العاشرة سورة الكائنات وهي الانفعالات الإلهية والكونية فهذه عشر تتضمن هذه الآيات فمن علمها كشفا علم الحق والخلق ومن علمها دلالة لم يكمل في علمها كمال أصحاب الكشف ولا تقل هذا رمز بل هذا كله تصريح وإيضاح يعرفه كل عاقل إذا حقق النظر فيه أن الآيات كلها محصورة في هذه السور قديما وحديثا والنفس الكلية هي التي ظهرت عنها معرفة هذه السور لأنها كانت محل إلقاء القلم الإلهي إليها فهي أول منكوح لناكح كوني وكل ما دونها فهو من عالم التولد العقل أبوه والنفس أمه فافهم ولا تلحق بمن قال الله فيهم إنهم لفي لبس من خلق جديد وهم الذين أعرضوا عن كل ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث وقد قلنا في مرتبتنا في هذا أنا في خلق جديد * كل يوم في مزيد * وأنا من حيث حبي * بين وجد ووجود شاكرا شكر محب * قائل هل من مزيد * فإنا واحد وقتي * في وجودي وشهودي يا رفيع الدرجات * في منازل السعود * ارفع اللهم عني * في معارج الصعود كل ستر في طريقي * في هبوطي وصعودي * واجعل اللهم حظي * في اسمك الله الودود
(٤٢٩)