محدث أي أحدثت بعض هذه الأمور السؤالات وأما السبب المعنوي فهو من جهة المسبب بفتح الباء اسم مفعول ومن المسبب اسم فاعل فمن جهة المسبب اسم المفعول استعداده لقبول الأثر فيه إذ لو لم يكن فيه استعداد لما وقع فيه الأثر فذلك الاستعداد أمنع من المحال فما يكون ومع هذا فله استعداد في قبول الفرض فيه فلهذا نفرض المحال في بعض المسائل وإن كان لا يقبل الوجود لنستخرج من ذلك الفرض علما لم يكن عندنا فلو لا استعداده لقبول الفرض ما تمكن للعقل أن يفرضه فالممكن أقبل لعين الوجود والسبب الذي من جهة المسبب اسم فاعل فما ذكر الله تعالى إنما قولنا فأثبت عينه وقوله إذا أردناه فأثبت الإرادة والتعلق بالمراد فلا بد من هذا شأنه أن يكون عالما حيا له اقتدار على ما يريد تكوينه فهذه كلها استعدادات نسبية معنوية إلا العين الذي هو المسبب فإنه سبب وجودي لا يكون علة لكن هو شرط ولا بد ولما خلق الله هذا العقل الأول قلما طلب بحقيقته موضع أثر لكتابته فيه لكونه قلما فانبعث من هذا الطلب اللوح المحفوظ وهو النفس فلهذا كانت أول موجود انبعاثي لما انبعثت من الطلب القائم بالقلم ولم يكن في القوة العقلية الاستقلال بوجود هذا اللوح فتأيد بالاسم الباعث وبالوجه الخاص الذي انبعثت عنه هذي النفس فالقى العقل إليها جميع ما عنده إلى يوم القيامة مسطرا منظوما وهو موجود ثالث بين اللوح والقلم مرتبته وبعد اللوح وجوده وجعل الله في القلم الإلقاء لما خلق فيه وجعل في اللوح القبول لما يلقى إليه فكان ما ألقى إليه وما ضمه اللوح من الكلمات المخلوقة في ذات القلم واللوح بعد فراغه من الكتابة مائتي ألف آية وتسعا وستين ألف آية ومائتي آية وهو ما يكون في الخلق إلى يوم القيامة من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الأسباب وأما ما يكون من الوجوه الخاصة الإلهية في الموجودات فذلك يحدث وقت وجوده لا علم لغير الله به ولا وجود له إلا في علم الله وهذا جميع ما حصله العقل من النفس الرحماني من حيث ما كلمه به ربه تعالى كما كلم موسى ربه باثنتي عشرة ألف كلمة في كل كلمة يقول له يا موسى وصورة التلقي الإلهي للعقل تجل رحماني عن محبة من المتجلي والمتجلي له ومن هذا المقام جعل الله بين الزوجين المودة والرحمة ليسكن إليها وجعل الزوجة مخلوقة من عين الزوج ونفسه كما قال وهو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآية أي علامة ودليلا لقوم يتفكرون فيعلمون أنه الحق وفائدة هذا التفكر أن الإنسان إذا تزوج بالمرأة ووجد السكون إليها وجعل الله بينهما المودة والرحمة علم أن الله يريد التحامهما فإذا ارتفع السكون من أحدهما إلى صاحبه أو منهما وزالت المودة وهي ثبوت هذا السكون وبهذا سمي الحب ودا لثبوته وتسمى بالودود لثبوت حبه من أحب من عباده وزالت الرحمة من بينهما أو من أحدهما بصاحبه فأعرض عنه فيعلم أن الله قد أراد طلاقهما فيبادر لذلك فيفوز عند الله بهذا المقام فإن لج وعاند يحرم القرب الإلهي فإن الحضرة الإلهية لا تقبل اللجاج والمعاندة وقد ثبت في الشرع ما ثبت وما يعرف ما قلناه إلا أهل التفكر من عباد الله فإن الله ما جعله آية إلا لهم فجعل سبحانه سبب حصول هذه العلوم في ذات العقل التجلي ومنه تلقى ذلك وكان سبب التجلي الحب فإنه أصل سبب وجود العالم والسماع سبب كونه وقد بينا هذا في باب السماع والمحبة وأما صورة تلقي النفس ما عندها من العلوم فهو على وجهين هي وكل موجود عن سبب ويختلف باختلاف تنوع الأسباب الوجه الواحد إذا كان التلقي لكل موجود عند سبب من وجهه الخاص به فلا يكون إلا عن تجل إلهي سواء علمه المتجلي له أو لم يعلمه فإن علمه كان من العلماء بالله وإن لم يعلمه كان من أهل العناية وهو لا يشعر إنه معتنى به فإن أكثر الناس لا يعلمون حديث هذا الوجه الخاص ولا يعرفونه فإنه علم خاص لا يعطيه الله إلا لمن اختصه واصطنعه لنفسه من عباده وأما الوجه الآخر من التلقي فهو ما يستفيده من السبب ولا تحصى طرقه فإن الأسباب مختلفة فأين سببية العقل فيما يظهر على النفس من توجهه وتلقيها من سببية السماء فيما يظهر على الأرض من النبات من توجهها عليها بما تلقيه من الغيث فيها وتلقيها لذلك ولكل حركة فلكية ونظر كوكب في العالم العلوي وإمداد الطبيعة كل ذلك أسباب لوجود زهرة تظهر على وجه الأرض أين هذا من توجه سببية العقل فلهذا قلنا ما تنحصر أسبابه مع كونها منحصرة في نفس الأمر فمن النفس إلى آخر ركن في العالم وبعض المولدات ما بين النفس وآخر ركن
(٤٢٨)