الاسم لا ينظر من الرجال إلا لمن أقيم في مقام الحرية ما بينه وبين من أقيم في العبودية إمداد وأما الاسم البصير فإنه يمد أهل الحرية والعبودة وإمداد أهل الحرية أكثر ونظره إليهم أعظم وهذا الاسم والاسم الباري يمدان أهل الفصاحة والعبارات ولهما إعجاز القرآن وحسن نظم الكلام الرائق هذا لهذين الإسمين ويمد هذا الاسم البصير أصحاب المنازل والمنازلات في بصائرهم وهم الذين تعملوا في اكتسابها الذين أكلوا من تحت أرجلهم ما أنزلوها بطرق العناية من غير عمل لأن أهل هذا المقام على نوعين فطائفة نزلت هذه المنازل عن تعمل واكتسبتها وطائفة نزلتها بالإنزال الإلهي عناية من غير تعمل ولا تقدم عمل بل باختصاص إلهي ويمد أيضا هذا الاسم أهل التفرقة وهم الذين يميزون ما تعطيه أعيان المظاهر في الظاهر باستعداداتها وهو مقام عجيب لا يعرفه أكثر أهل التفرقة وأكثر علم أهل التفرقة العلم بمعاني الأسماء الإلهية من حيث معانيها لا من وجه دلالتها على الذات فهذا حصر ما تعطيه هذه الأسماء وحصر من تعطيه ومنتهى العالم في هذا الباب الذي شاهدناه كشفا ألفا من العالمين لا زائد على ذلك والذي شاهدناه ذوقا وجاريناهم قدما بقدم وسابقناهم وسبقناهم في حضرتين حضرة النكاح وحضرة الشكوك ستة عشر عالما من ثماني حضرات وباقي العالم كشفا وتعريفا لا ذوقا فدخلنا في كل ما ذكرناه في هذه الإمدادات الإلهية ذوقا مع عامة أهل الله وزدنا عليهم باسم إلهي وهو الآخر أخذنا منه الرياسة وروح الله الذي يناله المقربون من قوله تعالى فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ونلت هذه المقامات في دخولي هذه الطريقة سنة ثمانين وخمسمائة في مدة يسيرة في حضرة النكاح مع أهل الصفاء وفي حضرة الشكوك مع أهل القهر والغلبة من أجل الاختلال في الشروط وهي المواثيق التي أخذت على العالم بالله فمنا من غدر ومنا من وفى فكنا ممن وفي بحمد الله وهذه علوم غريبة وأذواق عزيزة لقينا من أربابها رجالا بالمغرب ورجالا بالإسكندرية ورجلين أو ثلاثة بدمشق ورجلا بسيواس كان قد نقصه من هذا المقام شئ قليل فعرضه علينا فأتممناه له حتى تحقق به في زمان يسير وكان غريبا لم يكن من أهل البلاد كان من أهل أخلاط ولكل طائفة ممن ذكرنا ممن هم تحت إحاطة هذه الأسماء الإلهية التميز في ثلاث حضرات حضرة عليا وحضرة وسطي وحضرة سفلي وحضرة مشتركة فلا تخلو هذه العقول المدبرة أن تكون في إحدى هذه الحضرات في زمان مرور الخواطر عليها أو الأسماء المتقابلة أو المتقاربة فالمتقابلة كالضار والنافع أو المعز والمذل أو المحيي والمميت ومثل المقاربة كالعليم والخبير أو القدير والقاهر أو الكبير والعظيم وما جرى هذا المجرى في عالم الخلق والأمر وها أنا إن شاء الله أذكر ما يحدث من حكم ذلك كله في العالم تفصيل أما تفصيل ما ذكرناه فهو أن نقول بعد أن تعلم أن كل من ذكرنا من هؤلاء الطبقات فإنما هم أهل الأنفاس خاصة من أهل الله لا غيرهم إن المدبر من عالم الأنفاس إذا أراد تنفيذ أمر ما برزخي يطلب تنفيذه حكمين والأمر واحد فإن الاسم الجامع والنافع والبصير والقائلين بالجود على مسغبة ينظرون إلى الحكم الأسهل فيحكمون به على ذلك الأمر والعلماء بالله يجعلون التوحيد بين الحكمين ويحكم بالأسهل من الحكمين وأما الباري والسريع والواقي والغفور فإنهم يسلكون طريق التحقيق في ذلك فيعطي كل حكم حقه لا يراعى جانبا دون جانب ولا يحكمون بذلك إلا المكملون من رجال الله فإن كان أحد الحكمين برزخيا والآخر سفليا فالإسم الجامع والنافع والبصير يحكمون بما فيه رفع الحرج غير أن الاسم البصير وأهل الجود يجعلان التوحيد بين الحكمين حتى يرفعان الاشتراك وبقية الأسماء السبعة وجميع الطبقات الخارجين عن طبقات هؤلاء الأسماء الثلاثة يسلكون مسلك الاعتدال فيوفون الحقوق على ما تعطي المراتب مثال الأول البرزخي أن ترى الحق في صورة يدركها الحس فالمحققون يعطون الألوهية حقها ويعطون الحضرة التي ظهر الحق فيها بهذه الصورة حقها والطائفة الأخرى تحكم على الحق بالصورة وتقول لولا أنه على حقيقة تقبلها ما صح أن يظهر بها إذ لم تكن غيره في وقت التجلي وأما الذين جعلوا التوحيد بين الحكمين فقالوا الحق على ما هو عليه في نفسه وهذه الصورة ظهرت بالحق لا إن الحق ظهر بها وجعلوا التوحيد فاصلا بين الحق والصورة وهكذا في الحالة الثانية ومثال ذلك في الحالة الثانية هو تجلى من يقول في رؤيته جميع الأكوان ما رأيت إلا الله من حيث إن البرزخ لا يتعين فيه الصور إلا من عالم الطبيعة وهو المحسوس والحكم كما قررناه فإن كان
(٤٢٥)