منه بنا فهذا قد أدينا العشر الواجب علينا مكملا فوقع في يد الحق فيتولى تربيته إلى وقت اللقاء ورد الأمانات إلى أهلها والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الفصل العاشر في الذكر بالحوقلة) وهو قول لا حول ولا قوة إلا بالله وهو ذكر كل حامل بقدر ما حمل فالذاكرون به على طبقات كما أنهم في الصورة على طبقات فمن كان أكثر دخولا كان أكثر دؤبا على هذا الذكر والذي حاز الكمال فيها كان شرطه أن لا يفتر من هذا الذكر بالقول كما أنه لا يفتر عنه بشاهد الحال وهو كل مكلف في العالم والعالم كله مكلف وما كلف به من العالم ومن العالم ما هو مجبور فيما كلف حمله وهو المعبر عنه بفرائض الأعيان وفرائض الكفاية ما لم يقم واحد به فيسقط الفرض عن الباقي ومن العالم ما لم يجير في الحمل وإنما عرض عليه فإن قبله فما قبله إلا لجهله بقدر ما حمل من ذلك كالإنسان لما عرضت عليه الأمانة وحملها كان لذلك ظلوما لنفسه جهولا بقدرها والسماوات والأرض والجبال لما عرضت عليهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها لمعرفتهن بقدر ما حملوا فلم يظلموا أنفسهم ولكن الناس أنفسهم يظلمون فما وصف أحد من المخلوقات بظلمه لنفسه إلا الإنسان فكان خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس في المنزلة فإنهن كن أعلم بقدر الأمانة من الإنسان فبهذا كن أيضا أكبر من خلق الناس في المنزلة من العلم فإنهن ما وصفن بالجهل كما وصف الإنسان وكذلك لما أمرنا بالإتيان أمر وجوب فإن لم يجبن جئ بهن على كره فقالتا أتينا طائعين لعلمهن بأن الذي أمرهن قادر على الإتيان بهن على كره منهن فقلن أتينا طائعين فالإتيان حاصل والطوع في معرض الاحتمال أن يكن صدقن في دعواهن فإن كان الحق القائل فما كذبا بل صدقا وإن كان القول بالواسطة فيحتمل ما قلناه فالعالم منا إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله يقولها على امتثال الأمر الإلهي والاقتداء فالاقتداء قوله وإياك نستعين إذا كان الحق المتكلم وهي الاستعانة بالأسباب التي لا يمكن رفعها ولا وجود المسبب إلا بوجودها والأمر قوله واستعينوا بالله واصبروا على حمل هذه المشقات بلا حول ولا قوة إلا بالله انتهى الجزء العشرون ومائة (بسم الله الرحمن الرحيم) (الفصل الحادي عشر في الاسم الإلهي) البديع وتوجهه على كل مبدع وعلى إيجاد العقل الأول وهو القلم وتوجهه على إيجاد الهمزة من الحروف ومراتبها وتوجهه على إيجاد الشرطين من المنازل وتوجهه بالإمداد الإلهي النفسي بفتح الفاء الذاتي منه والزائد وسبب زيادته قال الله تعالى بديع السماوات والأرض لكونهما ما خلقا على مثال متقدم وأول ما خلق الله العقل وهو القلم فهو أول مفعول إبداعي ظهر عن الله تعالى وكل خلق على غير مثال فهو مبدع بفتح الدال وخالقه مبدعة بكسر الدال فلو كان العلم تصور المعلوم كما يراه بعضهم في حد العلم لم يكن ذلك المخلوق مبدعا بفتح الدال لأنه على مثال في نفس من أبدعه أوجده عليه مطابقا له وذلك الذي في نفس الحق منه على قول صاحب هذا الحد للعلم لم يزل واجب الوجود في نفس الحق فلم يبتدعه في نفسه كما يفعله المحدث إذا ابتدع ولا وجد في العين إلا على الصورة التي قامت في نفس المصور لمثلها لا لها إذ ليس محلا لما يخلقه فما هو بديع وهو بديع فليس في نفسه صورة ما أبدع ولا تصورها وهذه مسألة مشكلة فإن من المعلومات ما يقبل التصور ومنها ما لا يقبل التصور وهو معلوم فما حد العلم تصور المعلوم وكذلك الذي يعلم قد يكون ممن يتصور لكونه ذا قوة متخيلة وقد يكون ممن يعلم ولا يتصور لكونه لا يجوز عليه التمثل فهو تصور من خارج ولا يقبل الصورة في نفسه لما صوره من خارج لكن يعلمه واعلم أولا أن الإبداع لا يكون إلا في الصور خاصة لأنها التي تقبل الخلق فتقبل الابتداع وأما المعاني فليس شئ منها مبتدعا لأنها لا تقبل الخلق فلا تقبل الابتداع فهي تعقل ثابتة الأعيان هذه هي حضرة المعاني المحققة وثم صور تقبل الخلق والابتداع تدل عليها كلمات هي أسماء لها فيقال تحت هذا الكلام أو لهذه الكلمة معنى تدل عليه ويكون ذلك المعنى الذي تتضمنه تلك الكلمة صورة لها وجود عيني ذو شكل ومقدار كلفظ زيد فهذه كلمة تدل على معنى يفهم منها وهو الذي وضعت له وهو شخص من الأناسي ذو قامة
(٤٢١)