بإشراقها وتظهر المحسوسات الأرضية بشروقها فلها حالة الخب ء والإظهار وبها حد الليل والنهار فزاحمت من يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما يخفون وما يعلنون فابتلى الله الماء فأصبح غورا وابتلى الشمس فأمست آفلة ففجر العيون فأظهر خب ء الماء وفار التنور فأظهر خب ء الشمس فأخرج الخب ء في السماوات والأرض فوسع كل شئ رحمة وعلما فاستوى على العرش العظيم إذ حكم على فلك الشمس بدورته وعلى الماء باستقراره وجريته فهما في كل درجة في خب ء وظهور فوحده الظهور بظهوره ووحده الخب ء بسدل ستوره فعلم سبحانه ما يخفون وما يعلنون فهو الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم (التوحيد الثالث والعشرون) من نفس الرحمن هو قوله وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون هذا توحيد الاختيار وهو من توحيد الهوية لما كان العالم كلمات الله تعالى كانت نسبة هذه الكلمات إلى النفس الرحماني الطاهرة فيه نسبة واحدة فكان يعطي هذا الدليل أنه لا يكون في العالم تفاضل ولا مختار بفضل عند الله على غيره ورأينا الأمر على غير هذا خرج في الوجود عاما في الموجودات فقال تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا وقال تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وقال فضلنا بعض النبيين على بعض وقال ونفضل بعضها على بعض في الأكل مع كونها تسقى بماء واحد فما ثم آية أحق بما هو الوجود عليه من التفاضل من هذه الآية حيث قال تسقى بماء واحد فظهر الاختلاف عن الواحد في الطعم بطريق المفاضلة والواقع من هذا كثير في القرآن من تفضيل كل جنس بعضه على بعض حتى القرآن وهو كلام الله يفضل على سائر الكتب المنزلة وهي كلام الله والقرآن نفسه يفضل بعضه على بعض مع نسبته إلى الله أنه كلامه بلا شك فآية الكرسي سيدة آي القرآن وهي قرآن وآية الدين قرآن فما أعجب هذا السر فعلمنا من هذا أن الحكمة التي يقتضيها النظر العقلي ليست بصحيحة وأن حكمة الله في الأمور هي الحكمة الصحيحة التي لا تعقل وإن كانت لا تعلم فما تجهل لكن لا تعين بمجرد فكر ولا نظر بل يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ولقد رأيت في حين تقييدي لهذا التوحيد الذي يعطي التفاضل واقعة عجيبة أعطيت رقا منشورا عرضه فيما يعطي البصر ما يزيد على العشرين ذراعا وأما طوله فلا أحققه وهو على هذا الشكل المصور في الهامش وهو جلد واحد جلد كبش تنظره فتراه أبيض عند القراءة وتنظر إليه في غير قراءة فتراه أخضر فإذا قرأته تراه جلدا وإذا لم تقرأه تراه شقة لا أدري حريرا أو كتانا وهو صداق أهلي فيقال لي هذا صداق إلهي لأهلك ولا أسأل عن الزوج ولا أعلم أنها خرجت عن عصمة نكاحي وأنا فارح بهذا الأمر مسرور غاية السرور ثم يؤتى بسرقة حرير خضراء تنبعث من الكتاب كأنها منه تكونت فيها ألف دينار ذهبا عينا كل دينار ثقيل لا أدري ما وزنه فيقال قسمه على أهلها خمسة دنانير لكل شخص فأول ما آخذ أنا منها خمسة دنانير عليها نور ساطع أعظم من ضياء أضوأ كوكب في السماء له شعاع وأرى نفس ذلك الكتاب هو عين أهلي ما كتابها غيرها وأنا بكل جسمي راقد عليها متكئ فكنت أنظر إلى رقم ذلك الكتاب فأجده بخط زين الدين عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن المعروف بابن الأستاذ قاضي مدينة حلب كتبه عن إملاء القاضي الكبير بهاء الدين بن شداد والصداق من أوله إلى آخره مسجع الألفاظ تسجيعا واحدا على روى الراء المفتوحة والهاء فضبطت منه بعد البسملة الحمد لله الذي جعل قرآنه وفرقانه وتوراته وإنجيله وزبوره رقوم هذا الكتاب المكنون وسطوره وأودعه كل آية في الكتب وسورة وأظهره في الوجود في أحسن صوره وجعل إعلامه في العالم العلوي والسفلي مشهورة وآياته غير متناهية ولا محصورة وكلماته بكل لسان في كل زمان وغير زمان مذكورة هكذا على هذا الروي إلى آخره إن كان له آخر بخط مئل الذر فلما رددت إلى حسي وجدتني أكتب
(٤١٦)