منتصبة وطول وعرض وجهات فمثل هذا يسمى معنى لهذه الكلمة فهذا المعنى يقبل الخلق ولسنا نريد بالمعاني إلا ما لا يقبل الخلق وكل ما لا يقبل الخلق فإنه لا يقبل المثل فلا يقبل المثل إلا الصورة خاصة المادية وغير المادية وأعني بالمادية المركبة وهي الأجسام على تنوع ضروبها وأعني بغير المادية كالبسائط التي لا جزء لها سوى عينها ولكنها تقبل المجاورة فتقبل التركيب فينشأ لذلك صور مختلفة إلى ما لا يتناهى فالأول منها وإن كان صورة فهو المبدع والثاني ليس بمبدع فإنه على مثاله ولكنه مخلوق فهو بالخلق الأول بديع وبالخلق الثاني المماثل للخلق الأول خالق فأول ما خلق الله العقل أظهره في نفس الرحمن في العماء في أول درجته التي هي في نفس الإنسان المخلوق على صورة الهمزة فهي أول مبدع من حروف تنفس الإنسان ولها وجوه وأحكام مثل ما للعقل في النفس فمن ذلك الإمداد الإلهي الذي في قوله ولئن شكرتم لأزيدنكم وفي قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة والزيادة حيث وقعت من الخير والشر ولا تعقل الزيادة إلا بعد عقل الأصل فإذا علم مقداره علم الزائد لئلا يتخيل في الزائد أنه أصل فأقل الزيادة مثل الأصل إلى رابع درجة وليس فوقها زيادة وكل زيادة زائدة على الزيادة مثل الأصل سواء مثاله الأصل وجود عين العقل والزائد وجود النفس وهو على قدر العقل ثم الطبيعة وهي على قدر العقل ثم الهباء وهو على مقدار العقل ثم الجسم الكل وهو الرابع وليس وراءه شئ إلا الصور وكذلك المد الطبيعي بمنزلة العقل مثل مد الألف من قال وشبهه فهذا سار في كل موجود فإن له من الحق إمدادا به بقاؤه فما زاد على ما به بقاؤه وظهور عينه فلسبب آخر ولما كان العقل أول موجود جعل سببا لكل إمداد إلهي في الوجود كذلك الهمزة في النفس الإنساني أوجبت الإمداد في الصوت سواء تأخرت أو تقدمت وتنتهي الزيادة في ذلك على المد الطبيعي إلى أربع مراتب كل زيادة على قدر الأصل التي هي الألف الطبيعية في كل ممدود مثال ذلك أ ا من في قراءة أبي عمرو و أ ا ا من في قراءة ابن عامر والكسائي و أ ا ا ا من في قراءة عاصم و أ ا ا ا ا من في قراءة ورش وحمزة وكذلك جاء وجا ا ء وجا ا ا ء وجا ا ا ا ء على ما ذكرناه فهذا الإمداد الإلهي قبل الموجب له وبعده هو بحسب المعرفة بالله فمن لم يعرف الله بدليل العالم عليه كان الإمداد متقدما على العلم بالله من حيث لا يعلم العبد فهو يتقلب في نعمة الله ولا علم له بالمنعم من هو على التعيين ومن عرف العالم بالله كان الإمداد متأخرا لأنه علم الله فرآه قبل إمداده وإن كان علمه به من إمداده ولكن ذلك هو المد الطبيعي فالإمداد في النفس الرحماني إيجاد النعم على التضعيف بالزيادة منها والله يضاعف لمن يشاء كما هو في النفس الإنساني مد الصوت طلبا للوصول إلى الموجب أو خروجا من عند الموجب بالإمداد الإلهي لعين الحرف المطلوب وهو العين المقصود بذلك النعيم من الكائنات كما يطلب الوصول إلى حرف الميم بالمد من أ ا من وإلى حرف الدال من آدم فاعلم ذلك وكذلك توجه هذا الاسم على إيجاد الشرطين من المنازل ليبين بذلك عين البروج المقدرة في الفلك الأطلس إذ ليس لها علامة تعرف بها فجعل لها هذه المنازل علامة على تلك المقادير تقطع في هذا الفلك الأطلس الجواري الخنس الكنس فيعرف بالمنازل كم قطعت من ذلك الفلك ولهذه المنازل أيضا وكل كوكب في الفلك المكوكب قطع في هذا الأطلس لكن لا يبلغ عمر الشخص الواحد إلى الشعور به وقد نقل إلينا أن بعض أهرام مصر وجد تاريخ عمله والنسر في الأسد وهو اليوم في الجدي فانظر ما مر عليها من السنين ويقول أصحاب تسيير الكواكب إن هذه الكواكب الثابتة تقطع في كل ستين سنة من الفلك درجة واحدة ونقلت عن بعضهم مائة سنة فمتى يدرك الحس انتقاله كما يدرك انتقال الجواري الخنس الكنس ثم إنا نعود إلى كلامنا في العقل الأول ومنزلته في النفس الرحماني منزلة الهمزة من حروف الإنسان فنقول إن الله لما خلق الملائكة وهي العقول المخلوقة من العماء وكان القلم الإلهي أول مخلوق منها اصطفاه الله وقدمه وولاة على ديوان إيجاد العالم كله وقلده النظر في مصالحه وجعل ذلك عبادة تكليفه التي تقربه من الله فما له نظر إلا في ذلك وجعله بسيطا حتى لا يغفل ولا ينام ولا ينسى فهو أحفظ الموجودات المحدثة وأضبطه لما علمه الله من ضروب العلوم وقد كتبها كلها مسطرة في اللوح المحفوظ عن التبديل والتحريف ومما كتب فيه فأثبته علم التبديل أي علم ما يبدل وما يحرف في عالم التغيير وإلا حالة فهو على صورة علم الله لا يقبل التبديل فلما ولاة الله ما ولاة أعطاه من أسمائه المدبر والمفصل من غير فكر ولا روية وهو في الإنسان
(٤٢٢)