نفس ظهر فيه غير هذه الكلمة ولهذا قال رسول الله ص أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وما قالها إلا نبي لأنه ما يخبر عن الحق إلا نبي فهو كلام الحق فارفع الكلمات كلمة لا إله إلا الله وهي أربع كلمات نفي ومنفي وإيجاب وموجب والأربعة الإلهية أصل وجود العالم والأربعة الطبيعية أصل وجود الأجسام والأربعة العناصر أصل وجود المولدات والأربعة الأخلاط أصل وجود الحيوان والأربع الحقائق أصل وجود الإنسان فالأربعة الإلهية الحياة والعلم والإرادة والقول وهو عين القدرة عقلا والقول شرعا والأربع الطبيعة الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة والأربعة العناصر الأثير والهواء والماء والتراب والأربعة الأخلاط المرتان والدم والبلغم والأربع الحقائق الجسم والتغذي والحس والنطق فإذا قال العبد لا إله إلا الله على هذا التربيع كان لسان العالم ونائب الحق في النطق فيذكره العالم والحق بذكره وهذه الكلمة اثنا عشر حرفا فقد استوعبت من هذا العدد بسائط أسماء الأعداد وهي اثنا عشر ثلاث عقود العشرات والمئين والآلاف ومن الواحد إلى التسعة ثم بعد هذا يقع التركيب بما لا يخرجك عن هذه الآحاد إلى ما لا يتناهى فقد ضم ما يتناهى وهو هذه الاثنا عشر ما لا يتناهى وهو ما يتركب منها فلا إله إلا الله وإن انحصرت في هذا العدد في الوجود فجزاؤها لا يتناهى فبها وقع الحكم بما لا يتناهى فبقاء الوجود الذي لا يلحقه عدم بكلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله فهذا عمل نفس الرحمن فبها ولهذا ابتدأ به في القرآن وجعله توحيد الأحد لأن عن الواحد الحق ظهر العالم (التوحيد الثاني) من نفس الرحمن الله لا إله إلا هو الحي القيوم فهذا توحيد الهوية وهو توحيد الابتداء لأن الله فيه مبتدأ ونعته في هذه الآية بصفة التنزيه عن حكم السنة والنوم لما يظهر به من الصور التي يأخذها السنة والنوم كما يرى الإنسان ربه في المنام على صورة الإنسان التي من شأنها أن تنام فنزه نفسه ووحدها في هذه الصورة وإن ظهر بها في الرؤيا حيث كانت فما هي ممن تأخذها سنة ولا نوم فهذا هو النعت الأخص بها في هذه الآية وقدم الحي القيوم لأن النوم والسنة لا يأخذ إلا الحي القائم أي المتيقظ إذ كان الموت لا يرد إلا على حي فلهذا قيل في الحق إنه الحي الذي لا يموت كذلك النوم والسنة والسنة أول النوم كالنسيم للريح فإن النوم بخار وهو هواء والنسيم أوله والسنة أول النوم فلا يرد إلا على متصف باليقظة فهذا توحيد التنزيه عمن من شأنه أن يقبل ما نزه عنه هذا الإله الحي القيوم ولولا التطويل لذكرنا تمام الآية بما فيها من الأسماء الإلهية (التوحيد الثالث) من نفس الرحمن وهو ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم وهذا توحيد حروف النفس وهو الألف واللام والميم وقد ذكرنا من حقائق هذه الحروف في الباب الثاني من هذا الكتاب ما فيه غنية وهذا التوحيد أيضا توحيد الابتداء وله من أسماء الأفعال منزل الكتاب بالحق من الله المسمى بالحي القيوم فبين أنه منزل الكتاب بالحق من الله المسمى بالحي القيوم فبين أنه منزل الأربعة الكتب يصدق بعضها بعضا لأن أكثر الشهود أربعة والكتب الإلهية وثائق الحق على عباده وهي كتب مواصفة وتحقيق بما له عليهم وما لهم عليه مما أوجبه على نفسه لهم فضلا منه ومنة فدخل معهم في العهدة فقال أوفوا بعهدي أوف بعهدكم فأدخلنا تحت العهد أعلاما بأنا جحدنا عبوديتنا له إذ لو كنا عبيدا لم يكتب علينا عهده فإنا بحكم السيد فلما أيقنا بخروجنا عن حقيقتنا وادعينا الملك والتصرف والأخذ والعطاء كتب بيننا وبينه عقودا وأخذ علينا العهد والميثاق وأدخل نفسه معنا في ذلك ألا ترى العبد المكاتب لا يكاتب إلا أن ينزل منزلة الأحرار فلو لا توهم رائحة الحرية ما صحت مكاتبة العبد وهو عبد فإن العبد لا يكتب عليه شئ ولا يجب له حق فإنه ما يتصرف إلا عن إذن سيده فإذا كان العبد يوفي حقيقة عبوديته لم يؤخذ عليه عهد ولا ميثاق ألا ترى العبد الآبق يجعل عليه القيد وهو الوثاق لإباقه فهذا بمنزلة الوثائق التي تتضمن العهود والعقود التي لا تصح بين العبد والسيد فمن أصب آية تمر على العارفين كل آية فيها أوفوا بالعقود أو العهود فإنها آيات أخرجت العبيد عن عبوديتهم لله (التوحيد الرابع) من نفس الرحمن قوله هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم هذا توحيد المشيئة ووصف الهوية بالعزة وهو قوله ولم يولد فهو عزيز الحمى إذ كان هو الذي صورنا في الأرحام من غير مباشرة إذ لو باشر لضمه الرحم كما يضم القابل للصورة ولو لم يكن هو المصور
(٤٠٦)