فاعلم بأن الذي سمعتا * من قول كن منه قد خلقتا فظاهر الأمر كان قول * وباطن الأمر أنت كنتا والشكل عين الذي بدا لي * وهو الوجود الذي رأيتا قد أثبت الشئ قول ربي * لو لم يكن ذاك ما وجدتا فالعدم المحض ليس فيه * ثبوت عين فقل صدقتا لو لم تكن ثم يا حبيبي * إذ قال كن لم تكن سمعتا فأي شئ قبلت منه * الكون أو كون عين أنتا فكلمة الحضرة كلمات كما قال وما أمرنا إلا واحدة فلم يكرر فعين الأمر عين التكوين وما ثم أمر إلهي إلا كن وكن حرف وجودي عند سيبويه من واجب الوجود لا يقبل الحوادث فالأمر في نفسه صعب تصوره من الوجه الذي يطلبه الفكر سهل في غاية السهولة من الوجه الذي قرره الشرع فالفكر يقول ما ثم شئ ثم ظهر شئ لا من شئ والشرع يقول وهو القول الحق بل ثم شئ فصار كونا * وكان غيبا فصار عينا انظر إلى الإبل كيف خلقت يعني السحاب الكائن من الأبخرة هنا الصاعدة للحرارة التي فيها والأبخرة نفس عنصري وليس بشئ زائد على السحاب ولم يكن سحابا في المتنفس بل هو شئ فظهر سحابا فتكاثف ثم تحلل ماء فنزل فتكون بخارا فصعد فكان سحابا فانظر إلى الإبل كيف خلقت ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا فينشئه سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا وهو تعدد الأعيان فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون فيما في السحاب من الماء يثقل فينزل كما صعد بما فيه من الحرارة فإن الأصغر يطلب الأعظم فإذا ثقل اعتمد على الهواء فانضغط الهواء فأخذ سفلا فحك وجه الأرض فتقوت الحرارة التي في الهواء فطلب الهواء بما فيه من الحرارة القوية الصعود يطلب الركن الأعظم فوجد السحاب متراكما فمنعه من الصعود تكاثفه فأشعل الهواء فخلق الله في تلك الشعلة ملكا سماه برقا فأضاء به الجو ثم انطفأ بقوة الريح كما ينطفئ السراج فزال ضوؤه مع بقاء عينه فزال كونه برقا وبقي العين كونا يسبح الله ثم صدع الوجه الذي يلي الأرض من السحاب فلما مازجه كان كالنكاح فخلق الله من ذلك الالتحام ملكا سماه رعدا فسبح بحمد الله فكان بعد البرق لا بد من ذلك ما لم يكن البرق خلبا فكل برق يكون على ما ذكرناه لا بد أن يكون الرعد يعقبه لأن الهواء يصعد مشتعلا فيخلقه ملكا يسميه برقا وبعد هذا يصدع أسفل السحاب فيخلق الله الرعد مسبحا بحمد ربه لما أوجده وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم وثم بروق وهي ملائكة يخلقها الله في زمان الصيف من حرارة الجو لارتفاع الشمس فتنزل الأشعة الشمسية فإذا أحرقت ركن الأثير زادت حرارة فاشتعل الجو من أعلى وما ثم سحاب لأن قوة الحرارة تلطف الأبخرة الصاعدة عن كثافتها فلا يظهر للسحاب عين وهنالك حكم الشين المعجمة من الحروف ولهذا سمي حرف التفشي فخلق الله من ذلك الاشتعال بروقا خلبا لا يكون معها رعد أصلا وهذه كلها حوادث ظهرت أعيانها عن كلمة كن في أنفاس وإنما جئنا بمثل هذا تأنيسا لك لتعلم ما فتح الله من الصور والأعيان في هذا النفس العنصري المسمى بخار التكون لك عبرة إن كنت ذا بصر فتجوز بالنظر في هذا إلى تكوين العالم من النفس الرحماني الظاهر من محبة الله أن يعرفه خلقه فما في العالم أو ما هو العالم سوى كلمات الله وكلمات الله أمره وأمره واحدة وهو كلمح بالبصر أو هو أقرب لأنه ما ثم أسرع من لمح البصر فإنه زمان التحاظه هو زمان التحاقه بغاية ما يمكن أن ينتهي إليه في التعلق وكذلك قوة السمع دون ذلك فتدبر يا أخي كلام الله وهذا القرآن العزيز وتفاصيل آياته وسورة وهو أحدي الكلام مع هذا التعداد وهو التوراة والفرقان والإنجيل والزبور والصحف فما الذي عدد الواحد أو وحد العدد انظر كيف هو الأمر فإنك إذا علمته علمت كلمة الحضرة وإذا علمت كلمة الحضرة علمت اختصاصها من الكلمات بكلمة كن لكل شئ مع اختلاف ما ظهر ومن الحروف الظاهرة بالكاف والنون ومن الحروف الباطنة
(٤٠٢)