بالواو وكيف حكم العارض على الثابت بمساعدته عليه فرده غيبا بعد ما كان شهادة فإن السكون هو الحاكم من النون وهو عرض لأن الأمر الإلهي عرض له فسكنه فوجد سكون الواو فاستعان عليها بها كما يستعين العبد بربه على ربه فلما اجتمع ساكنان وأرادت النون الاتصال بالكاف لسرعة نفوذ الأمر حتى يكون أقرب من لمح بالبصر كما أخبر فزالت الواو من الوسط فباشرت الكاف النون فلو بقيت الواو لكان في الأمر بطء فإن الواو لا بد أن تكون واو علة لأجل ضمة الكاف فلا يصل النفس إلى النون الساكنة بالأمر إلا بعد تحقق ظهور واو العلة فيبطئ الأمر وهي واو علة فيكون الكون عن علتين الواو والأمر الإلهي وهو لا شريك له وإذا جاز أن يبطئ المأمور عن التكوين زمانا واحدا وهو قدر ظهور الواو لو بقيت ولا تحذف لجاز أن يبقى المأمور أكثر من ذلك فيكون أمر الله قاصرا فلا تنفذ إرادته وهو نافذ الإرادة فحذف الواو من كلمة الحضرة لا بد منه والسرعة لا بد منها فظهور الكون عن كلمة الحضرة بسرعة لا بد منه فظهر الكون فظهرت الواو في الكون لتدل أنها كانت في كن وإنما زالت لأمر عارض فعملت في الغيب فظهرت في الكون لما ظهر الكون بصورة كن قبل حذف الواو ليدل على أن الواو لم تعدم وإنما غابت لحكمة ما ذكرناه فليس الكون بزائد على كن بواوها الغيبية فظهر الكون على صورة كن وكن أمره وأمره كلامه وكلامه علمه وعلمه ذاته فظهر العالم على صورته فخلق آدم على صورته فقبل الأسماء الإلهية وقد بينا ما فيه الكفاية للعاقل في كلمة الحضرة والله يضرب الأمثال لعباده (الفصل السادس في الذكر بالتحميد) الحمد ثناء عام ما لم يقيده الناطق به بأمر وله ثلاث مراتب حمد الحمد وحمد المحمود نفسه وحمد غيره له وما ثم مرتبة رابعة في الحمد ثم في الحمد بما يحمد الشئ نفسه أو يحمده غيره تقسيمان إما أن يحمده بصفة فعل وإما أن يحمده بصفة تنزيه وما ثم حمد ثالث هنا وأما حمد الحمد له فهو في الحمدين بذاته إذ لو لم يكن لما صح أن يكون لها حمد فحمد الحمد يعطي الحمد فيه * ولولا الحمد ما كان الحميد ثم إن الحمد على المحمود قسمان القسم الواحد أن يحمد بما هو عليه وهو الحمد الأعم والقسم الثاني أن يحمد على ما يكون منه وهو الشكر وهو الأخص فانحصرت أقسام التحميدات والمحامد وتعيين الكلمات التي تدل على ما ذكرناه لا تتناهى فإن النبي ص يقول في المقام المحمود فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن وقال لا أحصي ثناء عليك لأن ما لا يتناهى لا يدخل في الوجود ولما كان كل عين حامدة ومحمودة في العالم كلمات الحق الظاهرة من نفس الرحمن ونفس الرحمن طهور الاسم الباطن والحكم الغيب وهو الظاهر والباطن رجعت إليه عواقب الثناء فلا حامد إلا الله ولا محمود إلا الله وحمد الحمد صفته لأن الحمد صفته وصفته عينه إذ لا يتكثر ولا يكمل بالزائد تعالى الله * فحمد الحمد هو فليس إلا هو فما حمد الله إلا الإله * ومحموده عينه لا سواه فمن حمد الله على هذا النحو فقد حمده ومن نقصه من ذلك شيئا فهو بقدر ما نقصه فإن كنت حامد الله فلتحمده بهذا الحضور وهذا التصور فيكون الجزاء من الله لمن هذا حمده عينه فافهم (الفصل السابع) في الذكر بالتسبيح التسبيح التنزيه فسبح بحمد ربك واستغفره هذا أمر سبحان الذي أسرى بعبده خبر التسبيح قسم من أقسام الحمد ولهذا أن الحمد يملأ الميزان على الإطلاق وسبحان الله وغير ذلك من الأذكار تحت حيطة الحمد فإذا ظهر التسبح فانظر كيف تسبحه فإن الجهل يتخلل هذا المقام تخللا خفيا لا يشعر به فإنه كما قال ص لحسان بن ثابت لما أراد أن يهجو قريشا ينافح بذلك عن رسول الله ص لما هجته قريش وهو منها فنفسها هجت ولم تعلم بذلك وعلم بذلك رسول الله ص فإنه العالم الأتم وقد علم رسول الله ص أن الذي انبعث إليه حسان بن ثابت من هجاء قريش إن ذلك مما يرضى الله لحسن قصده في ذلك وما علم ذلك رسول الله ص إلا لما رأى روح القدس الذي يجيئه قد جاء إلى حسان بن ثابت يؤيده من حيث لا يشعر ما دام ينافح عن عرض رسول الله ص وإنما أقر الله ذلك أعلاما لقريش بأن أعمالهم تعود عليهم إذ
(٤٠٣)