كذلك الحق أصل الوجود الواحد الأحد الذي لا يقبل العدد فهو وإن كان واحد العين فهو المسمى بالحي القيوم العزيز المتكبر الجبار إلى تسعة وتسعين اسما لعين واحدة وأحكام مختلفة فما المفهوم من الاسم الحي هو المفهوم من الاسم المريد ولا القادر ولا المقتدر كما قلنا في حرف الصاد وكذلك سائر الحروف فخرجت الحروف من نفس المتنفس الإنساني الذي هو أكمل النشآت وبه ظهرت وبنفسه جميع الحروف فكان على الصورة الإلهية بالنفس الرحماني وظهور حروف الكائنات وعالم الكلمات سواء وكلها النفس الإنساني ثمانية وعشرين حرفا محققة لما صدر من النفس الرحماني أعيان الكلمات الإلهية ثمانيا وعشرين كلمة لكل كلمة وجوه فصدر عن نفس الرحمن وهو العماء الذي كان فيه ربنا قبل أن يخلق الخلق فكان العماء كالنفس الإنساني وظهور العالم في امتداده في الخلأ بحسب مراتب الكائنات كالنفس الإنساني من القلب وامتداده إلى الفم وظهور الحروف في الطريق والكلمات كظهور العالم من العماء الذي هو نفس الحق الرحماني في المراتب المقدرة في الامتداد المتوهم لا في جسم وهو الخلأ الذي ملأه العالم فكما كان أول حرف ظهر من أعيان العالم من هذا النفس لما طلب الخروج إلى الغاية وهو نهاية الخلأ كما كان غاية امتداد النفس إلى الشفتين فظهرت الهاء أولا والواو آخرا وليس وراء ذلك حرف يعقل فكان أجناس العالم منحصرة وأشخاصه لا تتناهى وجودا فإنها تحدث ما دام السبب موجودا والسبب لا ينقضي فإيجاد أشخاص النوع لا ينقضي فأما حصر العالم على عدد الحروف من أجل النفس في ثمانية وعشرين لا تزيد ولا تنقص فأول ذلك العقل وهو القلم وهو قول النبي ص إنه أول ما خلق الله العقل وفي خبر آخر أول ما خلق الله القلم الحديث فكان أول خلق خلقه الله من النفس الذي هو العماء القابل لفتح صور العالم فيه العقل وهو القلم ثم النفس وهو اللوح ثم الطبيعة ثم الهباء ثم الجسم ثم الشكل ثم العرش ثم الكرسي ثم الأطلس ثم فلك الكواكب الثابتة ثم السماء الأولى ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ثم كرة النار ثم كرة الهواء ثم كرة الماء ثم التراب ثم المعدن ثم النبات ثم الحيوان ثم الملك ثم الجن ثم البشر ثم المرتبة والمرتبة هي الغاية في كل موجود كما أن الواو غاية حروف النفس وقصدت ذكر أسماء العالم لا ترتيب وجوده كما قصد في أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ حصر الحروف لا ترتيب وجودها في المخارج ولكل موجود مما ذكرنا مرتبة وأحكام ونسب معلومة عند العلماء بالله وكل واحد له مقام معلوم يتميز به لا يكون للآخر كما أن له أمورا يشترك فيها مع غيره خلقا وحكما فأما في الخلق فكأشخاص النوع الواحد وأنواع الجنس الواحد مثل الأفلاك تشترك في الاستدارة الفلكية وفي الجسمية من حيث التركيب وما ذكرنا إلا ما يختص بعالم الدنيا كما أنه ما ذكرنا من الحروف إلا ما يختص بالنفس الإنساني اليوم إذ لا نتكلم إلا في وجود فإنا لا نحيط بالله علما فتكلمنا على قدر ما أعطانا من العلم به وليس في الإمكان أبدع مما خلق لأنه الصادق وقد قال إنه خلق العالم على صورته وأكمل منه فلا يكون فأكمل من هذا العالم فلا يكون وقد وقعت لنا واقعة في هذا الباب من الحق قد تقدم ذكرها ثم لتعلم أن أقرب شبه بالنفس بل هو عين النفس حروف العلة وهو الألف والواو المضموم ما قبلها والياء المكسور ما قبلها وليست هذه الثلاثة الحروف من الحروف الصحاح المحققة في الحرفية هي أجل من ذلك وإطلاق الحرف عليها بطريق المجاز وما يدل عليها إلا الحرف إذا انفتح وأشبع الفتحة أو ضم فأشبع الضمة أو كسر فأشبع الكسرة فذلك الدليل على إبراز هذه الحروف كما كان العالم من أجل حدوثه الذي هو بمنزلة إشباع الحركات في الحروف دليلا على وجود الحق سواء فافهم ما ذكرناه وثم إن الحروف لها خواص هي عليها أعطتها لها المخارج فهي في النفس مجموعة إذ هو يجمعها وفي أعيان الحروف والكلمات مفترقة فإذا جرى النفس من أول الحروف إلى غايتها فإنه يفعل كل حرف يتأخر وجوده لتأخر مخرجه عند انقطاع النفس ما يفعله كل حرف في مخرج تقدمه فهو يحوي على قوة كل حرف تقدمه لأن النفس مر في خروجه على تلك المخارج إلى أن انقطع عند هذا المخرج فنقل معه مرتبة كل حرف فظهرت في قوة الحرف المتأخر وآخر الحروف الواو ففي الواو قوة جميع الحروف كما إن الهاء أقل في العمل من جميع الحروف فإن لها البدو فكلمة هو جمعت جميع قوى الحروف في
(٣٩٥)