سقوط أثر الملاقاة، وأما أصالة عدم الملاقاة إلى القلة، فليست ذات أثر شرعي، لأن نفي سبب النجاسة إلى حال حدوث القابلية لها - وهي القلة - لا يورث تأثير السبب فيها إلا بالأصل المثبت، لعدم دليل على جعل القضية المذكورة بنحو القضية الشرطية.
وبعبارة أخرى: الواصل إلينا من الشرع، إن كان هكذا: الكرية علة عدم الانفعال، والقلة علة الانفعال فإن التعبد بعدم العلة لا يستلزم شرعا التعبد بعدم المعلول، لعدم تكفله بجعل الحكم الشرعي.
وإن كان هكذا: إذا كان الماء قليلا ينجس بالملاقاة فإذا أحرز عدم قلته بالأصل، فهو من قبيل إحراز الموضوع بالنسبة إلى الحكم، فيصح التمسك به (1).
فغير مسموعة، لما يمكن أن يقال: بأن الأمر لو سلمنا يكون كذلك، فظاهر الأدلة هو الثاني، فإن مفهوم أخبار الكر هو أنه إذا لم يبلغ كرا ينجسه الشئ بالملاقاة وإذا أحرز عدم الملاقاة إلى القلة فيترتب عليه الطهارة، لأن المفهوم من القضية المذكورة هو أن القليل إذا لم يلاقه النجس لا ينجس فليتدبر جدا.
ومن هنا يعلم وجه القول بالنجاسة في جميع صور المسألة، ولا نحتاج إلى التفصيل، لخروج المسألة عن طور الكتاب.
كما ظهر وجه القول بالطهارة في جميعها، فإن أصالة بقاء الكرية ليست مثبتة، بخلاف أصالة عدم الملاقاة إلى حدوث القلة، ففي المجهولين يجري الأصل الأول دون الثاني، وفيما كانت القلة معلومة