وحملها على التعبد طابقت الكعبة أو لم تطابق، وما ورد في صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام لا صلاة إلا إلى القبلة قال: قلت: أنى حد القبلة؟ قال: ما بين المغرب والمشرق قبلة كله (1). لا يكون صريحا في جواز التوجه إلى أي نقطة مما بين المغرب والمشرق اختيارا، لاحتمال أن يكون السؤال عن حد القبلة هو الحد الذي إذا صلى الانسان فيه تكون صلاته صحيحة ولو في الجملة وفي بعض الأوقات، كما إذا تبين له الخطأ بعد الجهد وأن صلاته لم تكن على جهة القبلة، فإن في هذا الحال تصح الصلاة إذا كانت بين المشرق والمغرب ولم يكن مستدبرا للقبلة، كما هو رأي المعظم.
والحاصل: أنه يمكن أن يكون السؤال عند حد القبلة هو الحد الذي يجوز إيقاع الصلاة فيه اختيارا، ويمكن أن يختص ببعض الأحوال.
ومما يبعد المعنى الأول هو أنه من المستبعد جدا أن يختفي لمثل زرارة حد القبلة مع وروده في الكتاب العزيزي بقوله تعالى: فول وجهك شطر المسجد الحرام (2). فمن المحتمل أن يكون جهة السؤال هو المعنى الثاني، فتأمل. كما أنه يمكن أن يكون المعنى أن ما بين المغرب والمشرق قبلة كله لكن لا لكل أحد بل تختلف الأشخاص في ذلك، فرب شخص تكون قبلته منحرفة عن المغرب بقليل، ورب شخص يكون انحرافه أزيد وكذا إلى أن يصل إلى حد يكون قبلة الشخص مما تقرب المشرق، وهذا الاختلاف إنما ينشأ من اختلاف البلدان في الطول والعرض، فما بين المغرب والمشرق كله قبلة على حسب اختلاف البلاد، فتأمل وعلى كل تقدير لا يمكن الأخذ بإطلاق الصحيحة والقول بجواز استقبال أي نقطة مما بين المغرب والمشرق، هذا مع أنه يمكن أن يدعى الاجماع على خلافه،