وقد قال الله تعالى في
القرآن وإما ينسينك الشيطان (1) وهذا تصريح بجواز
السهو والنسيان عليه والسر والحكمة فيه أن يصير هذا تشريعا للسهو في
الصلاة وأن الكلام القليل الذي يتعلق بأمر
الصلاة لا يضر وكذا الحركة المتعلقة بالصلاة فيمكن بأن الله تعالى أوقع عليه هذا
السهو وأنساه
الصلاة لتشريع هذه الأمور التي ذكرناها، ولا يقدح
السهو الذي ذكرنا فوائده في العصمة، وأي دنائة ونقص في هذا؟ فإن الله تعالى أنساه لوقوع التشريع، وقد قال تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها (2) فإن الانساء في أحد المعنيين هو إيقاع النسيان عليه، وقد قال تعالى في حق يوسف وهو من الأنبياء المرسلين: فأنساه الشيطان ذكر ربه (3) وكما أنه يجب أن يقدر الله تعالى حق قدره لقوله تعالى: وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ (4) كذلك يجب أن يقدر الأنبياء حق قدرهم ويعلم ما
يجوز عليهم وما لا
يجوز، وقد قال تعالى: إنما أنا بشر مثلكم (5) وقد عاب الله الكفار بالمبالغة في تنزيه الأنبياء عن أوصاف البشر بقوله: وقالوا ما لهذا الرسول يأكل
الطعام ويمشي في الأسواق (6) وقال تعالى: سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا (7) انتهى.
____________________
(1) الأنعام. الآية 68.
(2) البقرة. الآية 106.
(3) يوسف. الآية 42.
(4) الأنعام. الآية 91.
(5) الكهف. الآية 110.
(6) الفرقان. الآية 7.
(7) الإسراء. الآية 93.