المعروف في كلام متأخري الأصحاب ولا باس بالتزام ما ذكروه خروجا من خلافهم فأحاديث أئمتنا ع خالية عن التعرض لهذا التحرير ظاهرة في نفي المضايقة بهذا المقدار ثم قال: ويراعي في آخر الشوط السابع الختم بما بدأ به فيحاذي بأول بدنه أول جزء من الحجر على نحو ما ذكر في الابتداء والحال هاهنا نظير ما قلنا هناك من عدم الدليل على اعتبار هذا التضييق لكنه المعروف في كلامهم ولا باس بوفاتهم ولم يتعرض للزوم الانحراف عند فتحتي الحجر أصلا مما ضيق به المتأخرون بدون دليل وقال عند ذكر مواقيت الاحرام ومن كان منزله دون هذه المواقيت إلى مكة أحرم منه والمعروف في كلام الأصحاب شمول هذا الحكم لأهل مكة فيكون إحرامهم بالحج من منازلهم مع أن النص الوارد بالحكم لا يتناولهم وفي حديثين من مشهوري الصحيح ما يخالف ذلك أحدهما عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قلت له إني أريد الجوار فكيف أصنع قال إذا رأيت هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجعرانة فاحرم منها بالحج والثاني عن سالم الحناط قال كنت مجاورا بمكة فسألت أبا عبد الله ع من أين أحرم بالحج قال من حيث أحرم رسول الله ص من الجعرانة والعجب من عدم التفات الأصحاب إلى هذين الحديثين مع انتفاء المنافي لهما من الأخبار وصحة طريقهما اه.
رأيه في حجية الأخبار المعروف عنه أنه كان لا يرى حجية غير الصحيح والحسن ولذلك صنف منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان وكذلك ابن أخته السيد محمد صاحب المدارك وذلك لاعتبار العدالة في الراوي التي لا تجتمع مع مخالفة الحق قال صاحب اللؤلؤة بعد ما وصفه بما مر إلا أنه مع السيد محمد قد سلكا في الأخبار مسلكا وعرا ونهجا عسرا أما السيد محمد صاحب المدارك فإنه رد أكثر الأحاديث من الموثقات والضعاف باصطلاحه وله فيها اضطراب كما لا يخفى على من راجع كتابه المدارك فيما بين أن يردها تارة وما بين أن يستدل بها أخرى يدور في ذلك مدار غرضه وأما خاله الشيخ حسن فان تصانيفه على غاية من التحقيق والتدقيق إلا أنه بما اصطلح عليه في كتاب المنتقى من عدم صحة الحديث عنده إلا ما يرويه العدل المنصوص عليه بالتوثيق بشهادة ثقتين عدلين فرمز له بصحي وللصحيح على المشهور بصحر قد بلغ في الضيق إلى مبلغ سحيق وأنت خبير بانا في عويل من أصل هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح حيث أن اللازم منه لو وقف عليه أصحابه فساد الشريعة فإنه متى كان الضعيف باصطلاحهم مع إضافة الموثق إليه كما جرى عليه في المدارك ليس بدليل شرعي مع أن ما عداهما من الصحيح والحسن لا يفيان لهما إلا بالقليل من الأحكام فالأم يرجعون في باقي الأحكام الشرعية ولا سيما أصولها ولهذا ترى من جملة منهم لضيق الخناق خرجوا من اصطلاحهم في مواضع عديدة وتستروا باعذار غير سديدة وإذا كانت الحال هذه في أصل هذا الاصطلاح فكيف الحال في اصطلاح صاحب المنتقى وتخصيصه الصحيح بما ذكره ما هذه إلا غفلة ظاهرة والواجب إما الأخذ بهذه الأخبار كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار أو تحصيل دين غير هذا الدين وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها ولعدم الدليل على جملة من أحكامها ولا أراهم يلتزمون شيئا من الأمرين اه. وأراد بالاصطلاح تقسيم الخبر إلى أقسامه المشهورة من الصحيح والضعيف والحسن والموثق وذلك لان الاخبارية عندهم أن جميع ما في الكتب الأربعة حجة بل ترقوا إلى انها قطعية السند وحينئذ فلا حاجة إلى هذا الاصطلاح المستحدث الذي هو من اصطلاح غيرنا ولهذا قال بعض متطرفيهم هدم الدين مرتين إحداهما يوم ولد العلامة الحلي الذي اخترع هذا الاصطلاح.
ولا يخفى أن الجماعة الذين خرجت هذه الأخبار من تحت أيديهم وهم أصحاب الكتب الأربعة التي يدعون صحة جميع ما فيها أو قطعية سندها طالما ردوا الخبر بضعف السند كما في التهذيب وغيره فالقول بقطعية سندها أو صحتها كلها مجازفة وتنويع الخبر إلى أنواعه المعروفة ليس فيه أدنى ضرر بل منفعته واضحة ليتميز حال الخبر عند من يريد الاستدلال به وله بعد ذلك حرية اجتهاده فبعضهم يرى أن ضعف السند ينجبر باشتهار العمل به وبعضهم كالشهيد الثاني ينكر ذلك حتى أنه قال في بعض مؤلفاته أن انجبار الخبر الضعيف بالشهرة ضعيف منجبر بالشهرة وبعضهم لا يرى حجية غير الصحيح وهو ما رواه العدل ويعتبر في العدالة التوثيق بعدلين وينسب ذلك إلى الشهيد الثاني بناء على أن التوثيق من باب الشهادة والحق أن الحجة من الخبر ما حصل الوثوق بصدوره جريا على عادة الناس فيما بينهم وإن الشارع لم يخترع في ذلك حكما جديدا بل أقر طريقة العرف والوثوق يحصل بكون الخبر صحيحا أي رواه العدل إن لم يخالف المشهور وبكونه موافقا للمشهور وإن ضعف سنده فالصحيح المخالف للمشهور ليس بحجة والضعيف الموافق له حجة وكذلك الحسن والموثق وتوثيق أهل الرجال ليس من باب الشهادة لاثبات العدالة بل من باب تحصيل الوثوق وإلا فهؤلاء المعدلون لم يعاشروا الرواة وإنما عولوا على الظنون ولو كان من باب الشهادة لم يمكن من توثيق أحد لاعتبار المعاشرة في الشهادة والاستناد إلى الحسن دون الحدس ولا يوجد واحد من الموثقين هو كذلك والاستناد إلى توثيق العلامة وأمثاله لا ينفع شيئا للعلم بأنه أخذ توثيقه من كلام من تقدمه كالنجاشي وغيره فهو لا يزيد عنا في ذلك شيئا وتبع الشهيد الثاني في الاقتصار على الصحيح ولده صاحب المعالم لكنه أضاف إليه الحسن وابن بنته صاحب المدارك ولذلك صنف الأول كتابا في الأخبار لم يتجاوز فيه العبادات أسماه منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان وهو المشار إليه في كلام صاحب اللؤلؤة والطريقة الوسطى أعدل فلا جميع الأخبار حجة ولا الصحيح فقط. وأما ما هول به صاحب اللؤلؤة من أنه في عويل من أصل هذا الاصطلاح وزعمه أنه إلى الفساد أقرب من الصلاح فليخفف من عويله وتهويله وغلوائه فما هذا الاصطلاح إلا عين الصلاح وزعم الزاعم أنه أقرب إلى الفساد عين الفساد لما عرفت وزعمه أن اللازم منه فساد الشريعة لو ترك الضعيف والموثق فقد تركهما من ذكره ولم تفسد الشريعة ووفت الأحاديث الصحيحة بمعظم الشريعة لا بالقليل منها فالشريعة جلها ضروري أو إجماعي وما لم يكن كذلك فيه أحاديث صحيحة لا يبقى بعد العمل بها إلا أقل قليل لا يلزم من الرجوع فيه إلى الأصول الثابتة بالأدلة القطيعة شئ من الفساد أما قوله أن جملة منهم لضيق الخناق خرجوا من اصطلاحهم في مواضع عديدة وتستروا باعذار غير سديدة فكأنه يريد بذلك جعلهم الخبر الضعيف ينجبر بالشهرة في الفتوى أو الرواية أو غير ذلك والعذر فيه سديد ليس عنه من محيد لما عرفت من أن المدار في قبول الخبر على حصول الاطمئنان والوثوق وهو يحصل بمثل ذلك وما قال صاحب المنتقى قد ساقه إليه الدليل ولم يقله تشهيا وإبطاله لا يكون إلا بابطال دليله لا بهذه التهويلات التي لا ترجع إلى محصل نحن في عويل من هذا الاصطلاح هو إلى الفساد أقرب من الصلاح يلزم فساد الشريعة يلزم تحصيل دين آخر وشريعة أخرى وأمثال هذه الكلمات فان