شجاعا حازما ثاقب الرأي متواضعا جوادا كريما عارفا بمواقع الكلام متعطفا على العلويين محسنا إليهم كثير البر بهم ظهر بطبرستان سنة 250 وطرد عنها الطاهرية وجرت له معهم خطوب وحروب ثم حاربه يعقوب بن الليث الصفار المتغلب على خراسان وجرت له معه أيضا حروب وخطوب واستقر ملكه بطبرستان عشرين سنة إلا قليلا وأظهر فيها مذهب أهل البيت في الأصول والفروع ودعا إلى الرضا من آل محمد ووفد عليه الشعراء فأجازهم أمثال أبي مقاتل الضرير نصر بن نصر الحلواني وأبي الغمر وغيرهما وفي تاريخ رويان لمولانا أولياء الله الآملي الذي كان حيا سنة 805 ما تعريبه: أنه كان رجلا متفردا في أنواع الفضائل النفسانية مولده في مدينة الرسول ص ونشا ونما هناك عديم المثيل في الشجاعة والثبات وقوة القلب وتدبير الحرب جوادا كريما بحيث أنه حضر عنده يوما أبو الغمر الشاعر في آمل وقد اقتصد الداعي فأنشد أبو الغمر هذين البيتين:
إذا كتبت يد الحجام سطرا * أتاك بها الأمان من السقام فحسمك داء جسمك باحتجام * كحسمك داء ملكك بالحسام فامر له بعشرة آلاف درهم وأبو الغمر اسمه هارون بن محمد وكان كاتب الحسن بن زيد ذكره ابن النديم في الفهرست وقال ابن الأثير في الكامل في حوادث سنة 270 فيها توفي الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان في رجب وكانت ولايته 19 سنة و 8 أشهر و 6 أيام وكان الحسن جوادا امتدحه رجل فأعطاه عشرة آلاف درهم يشير إلى ما مر عن أبي الغمر، وكان متواضعا لله تعالى حكي عنه أنه مدحه شاعر فقال: الله فرد وابن زيد فرد فقال بفيك الحجر يا كذاب هلا قلت الله فرد وابن زيد عبد ثم نزل عن مكانه وخر ساجدا لله تعالى وألصق خده بالتراب وحرم الشاعر اه. وفي تاريخ رويان وتاريخ طبرستان أنه بعد ما هزم الداعي سليمان بن علي بن طاهر واستولى على بلاد طبرستان سنة 252 أنشده في ذلك اليوم أبو مقاتل الضرير نصر بن نصر الحلواني الشاعر قصيدة مطلعها الله فرد وابن زيد فرد فقال له الداعي بفيك التراب هلا قلت الله فرد وابن زيد عبد وقام عن كرسيه ومرع وجهه بالتراب وجعل يقول مكررا: الله فرد وابن زيد عبد وأمرنا باخراج الشاعر مضروبا وبعد أيام أتى هذا الشاعر وأنشأ هذه الأبيات:
أنا من عصاه لسانه في شعره * ولربما ضر اللبيب لسانه هبني كفرت أما رأيتم كافرا * نجاه من طغيانه إيمانه فلم يرض عنه فلما كان يوم المهرجان وهو اليوم السادس والعشرين من اسفنديار أنشأ هذه القصيدة:
لا تقل بشرى ولكن بشريان * غرة الداعي ويوم المهرجان فقال له الداعي لم لا قلت:
غرة الداعي ويوم المهرجان * لا تقل بشرى ولكن بشريان حتى لا تبتدئ شعرك بلا فقال الشاعر: أيها السيد أفضل الذكر لا إله إلا الله وأوله حرف النفي فقال الداعي أحسنت أحسنت أيها الشاعر اه. ومن جوده ما وجدته في مسودة الكتاب ولا أعلم الآن من أين نقلته وهو انه أهدى إليه كاتبه أبو الغمر في بعض الأعياد سهمين كتب عليهما نصر من الله وفتح قريب وكتب معهما هذه الأبيات.
أهديت للداعي إلى الحق * سهمي فتوح الغرب والشرق زجاهما النصر وريشاهما * ريشا جناحي طائر الصدق صدق جرى إذ قال مهديهما * هما بشيرا دعوة الحق فاجازه بعشرة آلاف درهم اه. قال ابن الأثير وكان عالما بالفقه والعربية مدحه شاعر فقال:
لا تقل بشرى ولكن بشريان * غرة الداعي ويوم المهرجان فقال له كان الواجب أن تفتتح الأبيات بغير لا فان الشاعر المجيد يتخير لأول القصيدة ما يعجب السامع ويتبرك به ولو ابتدأت بالمصراع الثاني لكان أحسن فقال له الشاعر ليس في الدنيا كلمة أجل من قول لا إله إلا الله وأولها لا فقال له أصبت وأجازه اه. ولكن في معاهد التنصيص روي أنه دخل عليه ابن مقاتل الضرير في يوم مهرجان وأنشده:
لا تقل بشرى ولكن بشريان غرة الداعي ويوم المهرجان فتطير منه الداعي وقال أعمى يبتدئ بهذا يوم المهرجان وأمر ببطحه وضربه خمسين عصا وقال إصلاح أدبه أبلغ في ثوابه اه. ويأتي عند ذكر أخباره تمام القصيدة. وفي رياض العلماء وقيل وجه التطير الاتيان بيوم المهرجان في المطلع وهو آخر أيام النشوء والنماء وجعله مقرونا بغرة الداعي وفيه سماجة اه.
المهرجان والنوروز ويناسب هنا بيان معنى المهرجان والنوروز فنقول المهرجان بكسر الميم عيد من أعياد الفرس ومعناه محبة الروح وكان يحتفل به في دولة بني العباس حتى من غير الفرس كما يحتفل بعيد النوروز وهو يوم انتقال الشمس إلى برج الحمل في 8 آذار على الحساب الشرقي ومعناه اليوم الجديد ويقال نيروز لكثرة الاستعمال وليس أصل ذلك من بني بويه كما يتوهم فبنو بويه كان ظهور دولتهم في أواسط المائة الرابعة وظهور الداعي كان في أواسط الثالثة وهذا لا يخلو من غرابة بان يحتفل بأعياد الفرس في دول الاسلام اما النيروز فهو وإن كان من أعياد الفرس أيضا إلا أن الشيعة تروي فيه عن أحد أئمة أهل البيت ع أنه عيد ضيعته العرب وحفظته العجم لذلك يحتفلون به إلى اليوم لا سيما الإيرانيون. وفي السدق وهو ليلة الوقود عند المجوس وفي النيروز والمهرجان يقول بديع الزمان الهمذاني في بعض رسائله: وما أنزل الله بالسدق برهانا ولا شرف نيروزا ولا مهرجانا وفي مروج الذهب قال وفي خلافة المستعين وذلك في سنة 250 ظهر ببلاد طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب فغلب عليها وعلى جرجان بعد حروب كثيرة وقتال شديد وما زالت في يده إلى أن مات سنة 270 وخلفه أخوه محمد بن زيد قال وكان الحسن بن زيد ومحمد بن زيد يدعوان إلى الرضا من آل محمد اه. ثم قال وظهر في هذه السنة وهي سنة 250 بالري محمد بن جعفر بن الحسن ودعا للحسن بن زيد صاحب طبرستان اه. وفي فهرست ابن النديم عند ذكر الزيدية قال: الداعي إلى الحق الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي طاحب طبرستان ظهر بها في سنة 250 ومات بطبرستان مملكا عليها سنة 270 وقام مكانه الداعي إلى الحق اخوه محمد بن زيد وملك الديلم اه.
وفي رياض العلماء السيد الجليل الداعي حسن بن زيد بن محمد بن