استعادة ابن طاهر طبرستان وهروب الحسن بن زيد ذكرنا أن عامل طبرستان قبل استيلاء الداعي عليها كان سليمان بن عبد الله بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي خليفة ابن أخيه محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين وأنه عند استيلاء الداعي على طبرستان هرب سليمان إلى جرجان إلى عند ابن أخيه محمد بن طاهر قال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 251 في هذه السنة رجع سليمان بن عبد الله بن طاهر من جرجان أرسله محمد بن طاهر إلى طبرستان بجمع كثير وخيل وسلاح فتنحى الحسن بن زيد عن طبرستان ولحق بالديلم فدخلها سليمان فكتب سليمان إلى ابن أخيه محمد بن طاهر بدخوله طبرستان فقرئ كتابه ببغداد وكتب المستعين نسخة إلى بغا الصغير بفتح طبرستان على يدي محمد بن طاهر وهزيمة الحسن بن زيد وان سليمان بن عبد الله دخل سارية على حال من السلامة وأنه ورد عليه إبنان لقارن ابن شهريار وهما مازيار ورستم في خمسمائة رجل وإن أهل آمل أتوه منيبين مظهرين الندم يسألون الصفح فلقيهم بما أرادوا ونهى أصحابه عن القتل والنهب والأذى و نهض بعسكره على تعبية مستقريا للقرى والطرق وورد كتاب أسد بن جندان إلى سليمان بن عبد الله يخبره بهزيمة علي بن عبد الله الطالبي المسمى بالمرعشي فيمن كان معه وهم أكثر من ألفي رجل ورجلين من رؤساء الجيل في جمع عظيم ودخل أسد مدينة آمل قال الطبري وفيها ورد كتاب محمد بن طاهر على المستعين بهرب الحسن بن زيد عند مصيره إلى المحمدية وإحاطة عسكره بها وإنه عند دخوله المحمدية وكل بالمسالك والطرق وبث أصحابه. قال وفيها أيضا ورد كتاب من محمد بن طاهر على المستعين يذكر فيه انهزام الحسن بن زيد منه وانه لقيه في زهاء ثلاثين ألفا فجرت فيما بينه وبينه حرب وأنه قتل من أعيان أصحاب الحسن 300 ونيفا وأربعين رجلا فامر المستعين أن تقرأ نسخة كتابه في الآفاق.
وقال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 252 وفيما وجدت مع ابن أخ لمحمد بن علي بن خلف العطار كتب من الحسن بن زيد فكتب بخبره إلى المعتز فكتب بحمله إلى سامراء ثم أن الطبري وابن الأثير لم يذكرا ما جرى للحسن بن زيد بعد خروجه من طبرستان وإنما قالا في حوادث سنة 255 فيها سار مفلح الصيمري إلى طبرستان فحارب الحسن بن زيد العلوي فانهزم الحسن ولحق بالديلم ودخل مفلح آمل وأحرق منازل الحسن بن زيد وسار إلى الديلم في طلبه ثم عاد عن طبرستان بعد أن دخلها وهزم الحسن بن زيد وذلك أن موسى بن بغا كان في الري فكتبت إليه قبيحة أم المعتز تسأله القدوم لما رأت اضطراب الأتراك فكتب موسى إلى مفلح يأمره بالانصراف فلما أتاه الكتاب رجع قال الطبري فعظم ذلك على قوم كانوا معه من رؤساء أهل طبرستان ممن كان هاربا قبل مقدم مفلح عليهم من الحسن بن زيد لما كانوا قد رجوا من مقدمه عليهم وكفايتهم أمر الحسن بن زيد والرجوع إلى منازلهم وأوطانهم وذلك أن مفلحا كان يعدهم أتباع الحسن بن زيد حيث توجه حتى يظفر به أو يخترم دونه ويقول لو رميت قلنسوتي في أرض الديلم ما اجترأ أحد منهم أن يدنو منها فلما رأى القوم انصرافه عن الوجه الذي توجه له من غير عسكر للحسن بن زيد ولا أحد من الديلم صده سألوه عن السبب الذي صرفه عما كان يعدهم به من اتباع ابن زيد فجعلوا يكلمونه وهو كالمسبوت لا يجيبهم بشئ فلما أكثروا عليه قال ورد علي كتاب الأمير موسى أن لا أضع كتابه من يدي حتى أقبل إليه وقدم مفلح على موسى بالري تاركا طبرستان على الحسن بن زيد اه.
فكان ذلك فرجا أتى الحسن بن زيد من حيث لا يحتسب وإذا أراد الله أمرا هيا أسبابه ثم لم يتيسر لموسى ومفلح الرجوع إلا بعد قتل المعتز وبيعة المهتدي. ثم ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة وذكره الطبري في حوادث سنة 256 ان سليمان بن عبد الله بن طاهر قدم من خراسان وولي ببغداد والسواد وهو ما كان يتولاه أخوه عبيد الله بن عبد الله وقدم معه محمد بن أوس البلخي وهذان هما اللذان حاربهما الحسن بن زيد وأخرجهما من طبرستان: فقال ابن الرومي في ذلك:
من عذيري من الخلائق ضلوا * في سليمان عن سواء السبيل عوضوه بعد الهزيمة بغداد * كان قد أتى بفتح جليل من يخوض الردى إذا كان من * فر أثابوه بالجزاء الجميل يعني هزيمة سليمان من الحسن بن العلوي.
عود الري إلى الداعي قال الطبري وزيد ابن الأثير في حوادث سنة 256 فيها غلب جيش الحسن بن زيد الطالبي على الري في شهر رمضان ثم ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 257 أنه فيها فارق عبد العزيز بن أبي دلف الري من غير خوف وأخلاها فأرسل إليها الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان القاسم بن علي العلوي المعروف بدليس فغلب عليها فأساء السيرة في أهلها جدا وقلع أبواب المدينة وكانت من حديد وسيرها إلى الحسن بن زيد وبقي كذلك نحو ثلاث سنين اه وهذا ما يدل على أنه بعد ما استولى عليها سنة 256 كما مر أخذت منه ووليها عبد العزيز لكنه لم يذكر ذلك.
ملك الداعي جرجان قال ابن الأثير في حوادث سنة 257 في هذه السنة قصد الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان جرجان واستولى عليها وكان محمد بن طاهر أمير خراسان لما بلغه ذلك قد جهز العساكر فانفق عليها أموالا كثيرة وسيرها إلى جرجان لحفظها فلما قصدها الحسن لم يقوموا له وظفر بهم وملك البلد وقتل كثيرا من العساكر وغنم هو وأصحابه ما عندهم اه. وقال الطبري وابن الأثير في حوادث سنة 258 فيها كانت وقعة بين أصحاب موسى بن بغا وأصحاب الحسن بن زيد العلوي فانهزم أصحاب الحسن اه. وقالا في حوادث سنة 259 ان يعقوب بن الليث الصفار دخل نيسابور وعاملها محمد بن طاهر لان عبد الله السجزي كان ينازع يعقوب بسجستان فقوي عليه يعقوب فهرب إلى محمد بن طاهر فأرسل يعقوب يطلبه فلم يسلمه ابن طاهر فدخل يعقوب نيسابور وقبض على محمد بن طاهر وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط ابن طاهر في عمله ويذكر غلبة العلويين على طبرستان قال ابن الأثير وقيل كان سبب ملك يعقوب نيسابور ضعف محمد بن طاهر أمير خراسان فسار إلى نيسابور وكتب إلى محمد بن طاهر يعلمه أنه قد عزم على قصد طبرستان ليمضي ما أمره به الخليفة في الحسن بن زيد المتغلب عليها وإنه لا يعرض لشئ من عمله فلما وصل إلى نيسابور قبض عليه.
أخذ الداعي مدينة قومس وهي التي يقول فيها أبو تمام:
يقول في قومس صحبي وقد أخذت * منا السرى وخطا المهرية القود